المقدم: هناك فئة من الناس تُهاجم أهل الخير، سواء كانوا من العلماء أو المؤسسات الدينية أو المراكز الصيفية أو الدور النسائية، وليس لهم شغل شاغل إلا هذا الأمر، هل من نصيحة لمثل هؤلاء، وهم كتاب الصحف والمنتديات؟ الشيخ: على أي حال هؤلاء فئات: الفئة الأولى: هم مرضى قلوب، ونسأل الله السلامة، بمعنى أنهم أصحاب شهوات وأصحاب شبهات، ومن الذين عندهم نزعة نفاق ونزعة إعراض عن الدين، أو أصحاب أهواء، بمعنى أنهم ينتمون إلى فرق أو أحزاب أو غيرها، فهؤلاء لا شك أن ميزانهم مختل، فيصنّفون أهل الحق بتصنيفات عديدة تتضمن السخريات، وتتضمن التقاط الأخطاء والزلات، والانتقائية في نقد الأشخاص، وعدم الإنصاف إلى آخره.
الفئة الثانية: ممن ينتسبون إلى الخير مع الأسف، وربما أن السائل يقصد هؤلاء أو لا يقصدهم، لكنه واقع وموجود أن هناك فئة من المحتسبين -إن صح التعبير- أو الغيورين على كثير من مسائل الدين تسوءهم بعض الأخطاء التي يقع فيها الناس أو الجماعات أو الأحزاب، فيضخّمون هذه الأخطاء، وتدخل عليهم أوهام فيسيئون الظن كثير من أهل الخير وبالدعاة، ويفسّرون الأقوال والتصرفات بأسوأ التفسير، ثم يقفون من أهلها مواقف سلبية، وربما يحذّرون منهم، ثم أعظم من هذا أنهم إذا وجدوا بعض الأخطاء والتجاوزات التي توجد بطبيعتها في البشر في الجمعيات والمؤسسات الخيرية، ودور التربية التطوعية وغيرها، إذا لاحظوا هذه الأخطاء عمموها وجعلوها وسيلة للتحذير من هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وهذا نوع من الوسواس، أو نوع مما نسميه المبالغة أحياناً في علاج الأخطاء، وهذا ناتج غالباً عن قصور نظر، أو عن ردود أفعال، ولعله وإن كان السائل لا يقصد هؤلاء فإني أحب أن أنتهز الفرصة مع إخواني المشاهدين لأقول: إن هذا مع الأسف مرض، وأنا يسعدني جداً أن ننقد مؤسساتنا الخيرية وأهل الخير، وننقد العلماء والدعاة بالأسلوب المنهجي الشرعي، وواجب علينا أن نفعل ذلك، وأن نقبل الرأي الاجتهادي في هذا الأمر بالأسلوب المنهجي والشرعي الذي يتوخى النصح والإشفاق والرفق والتثبت، وعدم التشهير، وأيضاً عدم التعميم، وأن يتوخى دفع المفسدة، أي: أن كثيراً ممن يسلكون هذا المسلك الآن أوهموا بعض الغافلين أن مثل هذه المؤسسات تتضمن أشياء خطيرة، وأنها خطر على المجتمع وعلى الأمة، إلى هذا الحد وكأنها قنبلة، وهذا نسف لبذور الخير التي بدأت تظهر عندنا الآن، وإن كان العقلاء من المسئولين والدعاة يعرفون أن هذا بعيد عن العدل والإنصاف، لكن هذا أحدث إرجافاً عند بعض شبابنا الناشئ، وأحدث تخوُّفاً، وأنا اعبتره نوعاً من الوسواس في تعميم الأخطاء، وإساءة الظن بجميع عمل الخير والأخيار؛ بسبب وجود هذه الأخطاء.
إذاً: هذا المنهج خطير.
المقدم: ذكرت يا شيخ أن هناك من الأخيار أحياناً من ينقد الأخيار، لكن يضخّم هذه الأخطاء، أي: أن هناك من الناس ممن نشاهده أحياناً في الساحة، سواء عندنا هنا في البلاد أو في البلاد الأخرى من يتحامل على جهات شرعية معينة، أو على دعاة بأعيانهم، أو على أحزاب إسلامية مثلاً في دول أخرى، ويضخّم هذه الأخطاء، بينما تجد المنافقين أو المنحلين أو المنحرفين أو التقريبيين يأخذون راحتهم بلا نقد؟ الشيخ: أو ينقدون، لكن نقد غير مكافئ، أي: أنه قد يوجد من يعمل هذا وذاك، وأنا أقول: يجب أن ننقد ونناصح، وهذا أمر لا نختلف عليه، لكن نختلف على الأسلوب والمنهج في هذا.