التجرد عن الهوى والرأي

رابعها: التجرد عن الهوى والرأي، لكن لا يتجردون عن الحق.

أما ما يتعلق بدعوى التجرد عند بعض الباحثين فيقصد بها أصحابها: أن الكاتب والمتكلم في أي قضية يحب أن يتجرد دون أن يكون له رأي مسبق حتى يبحث ويصل إلى نتيجة، وهذا لا يصح في الدين والعقيدة، لكن لا بأس بذلك في الكتب الاجتماعية وهذا الأصل كارثة الدراسات النفسية والاقتصادية، فهذا ينبغي أن تتجرد من الرأي؛ حتى تتبين لك الحجة، ويتبين لك الوسط العلمي الصحيح، لكن في العقيدة لا يصح التجرد من الحق لأن من تجرد عن الحق فقد ارتد.

ومع الأسف فإن هذا المبدأ أخذ به بعض الباحثين في مسائل الدين وصار يطبقه جهلاً منه، فيقول مثلاً: أنا عندما أبحث عن مسألة: هل اليهود كفار أم لا؟ أتجرد عن الحكم بكفرهم حتى يثبت الدليل!! هذا حكم سبقت إليه، وقد قرره الله عز وجل، وليس هذا لك، وليست المسألة اجتهادية! المسائل الاجتهادية يتجرد فيها الإنسان من أن يكون له هوى أو رأي مسبق؛ حتى يصل إلى نتيجة، ويتقرر عنده الدليل الشرعي أو العقلي، أما مسائل الدين المتقررة أو قواعد المناهج الأساسية وأصول الدين فلا يجوز للمسلم أن يتجرد فيها عن الحق، بل يجب أن يلتزم الحق ويستدله، ولذلك كان السلف يبتعدون عن هذا المسلك؛ لأنه يؤدي إلى الردة، فكانوا يتجردون من الهوى والرأي الشخصي، لكن لا يتجردون عن الحق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015