الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن من أخطر الأمراض التي أصابت مجتمعنا في الآونة الأخيرة الأمراض التي تنتج عن السحر والشعوذة والعين، فهذه الأمراض من السحر والشعوذة وما ألحقته بالمسلمين مجتمعات وأفراد وأسر من أضرار إنما هي أعراض لأمراض كبرى وخطيرة هي أمراض القلوب والنفوس كما سيأتي بيانه.
وفي بدء الكلام عن هذا الموضوع الخطير يحسن التعريف بالسحر والشعوذة.
السحر: عمل خفي يؤثر على الإنسان إما في عقله أو بدنه أو قلبه أو نفسه أو في بعضها أو جميعها، ويتم بعقد وبغير عقد، وبطلاسم وبأمور أحياناً تكون محسوسة وظاهرة، وأحياناً تكون خفية، وأغلب السحر من عمل الشياطين من شياطين الإنس والجن.
وكذلك الشعوذة: هي نمط من أنماط السحر، وأعمال يعملها الدجال أو الممخرق يخفى سببها على الناس، لكنها أمور معلومة عند أهلها الذين يتناولونها، سواء كانت هذه الأمور معنوية أو حسية، والشعوذة كذلك من عمل الشياطين، ونلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة ما ابتلي به الناس في هذا العصر من غوائل السحر والعين والشعوذة من الأمراض النفسية والأوهام والقلق والهموم والغموم، نسأل الله العافية، وما ينتج عن ذلك من الحزن وضيق الصدر والخوف والهلع، ثم ما نتج عن هذا أيضاً من آثار ظاهرة على الأسرة المسلمة والمجتمع من فساد ذات البين وتفكك الأسر، وما ينتج عن ذلك من خلافات بين الزوجين تصل إلى الخصام، ومن خلافات بين الأقارب: بين الآباء والأبناء، وبين الإخوة وبين الأقارب من الأعمام والأخوال وغيرهم والأرحام والجيران، وانفصام عرى الوشائج والقربى بين الناس، بل كثرة آثار السحر والشعوذة في الناس أدى إلى كثرة الخصام وتعقد المشكلات التي أتعبت الناس، وأتعبت الجهات الأمنية والقضاء، وصارت من أعقد المشكلات التي أوقعت في الناس الكثير من الكوارث والأضرار الجسيمة، التي تؤدي أحياناً إلى إزهاق النفوس، وإلى إلحاق الأضرار البالغة، وانتشار الفساد في العقائد والأخلاق وشيوع الفواحش والفساد الأخلاقي؛ بسبب انفصام الأسر، ونحن نعلم جميعاً أن من أبرز أسباب الانحراف الخلقي بين ناشئة المسلمين: هو الانفصام في الأسر من افتراق الأب والأم (الزوجين) أو الأقارب بعضهم عن بعض مما يؤدي إلى تفلت الشباب والأبناء، وعدم وجود من يرعاهم في هذا الجو الذي كثرت فيه العوارض والقواطع والجوارف التي تجرف الناس عن الفطرة السليمة، وعن العقيدة الصحيحة، وعن الفضيلة.