إن واقع الأمة المرير المظلم الدامس الحالك الأسود البهيم الذي أحاط بها من كل جوانبها؛ ليجرنا إلى أن نتدبر في اسم تدبره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتته المبشرات تترى، وإن تدبرناه كما تدبره رسول الله، وعشناه واقعاً في حياتنا اليومية كما عاشه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاشه الصحابة رضوان الله عليهم، لأتتنا المبشرات تترى، أقول هذا وأنا مستيقن في ذلك غير شاك: إن هذا الاسم العظيم: (اللطيف) قد ذكره الله جل في علاه في مواطن كثيرة من كتابه، قال جل في علاه: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، وقال جل في علاه: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:103]، وقال جل في علاه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج:63]، ومعنى هذا الاسم يستقى من هذه الآيات الكريمات، قال بعض العلماء: جماع اسم الله جل في علاه اللطيف: البار بأوليائه سبحانه وتعالى، بر بعباده ولطف بهم، فجوده وعطفه وبره وصل إلى عباده، قال أحد السلف: رعاك وأنت في بطن أمك ولطف بك، ونور قلبك بالهدى، وربى جسدك بالغذاء، وحرسك وأنت في لظى، وجعل الولاية لك حين البلوى، ثم يدخلك بعد ذلك جنة المأوى.
وجماع ذلك كله: أن الله جل وعلا يدبر لعباده من حيث لا يعلمون، ويجعل لهم المصالح من حيث لا يحتسبون، هو اللطيف أخفى الأشياء في أضدادها، يخفي الخير داخل الشر، والنصر في باطن الهزيمة، واليسر في جوف العسر.
إن لم تعلم أخي المسلم بعد تدبر هذا الاسم أن النصر سيأتيك بعملك بهذا الاسم والتعبد به فارجع إلى رسولك صلى الله عليه وسلم، بل ارجع وراء ذلك إلى الأمم والشعوب، وانظر كيف أن الله من فوق عرشه دبر لخلقه ولأوليائه، وكانت العاقبة للمتقين، والنصر والمبشرات لأولياء الرحمن المتقين المؤمنين.