واجب الأمة نحو رسولها

ختاماً: ما هو واجب الأمة نحو هذا الرسول العظيم الذي عظمه ربه وكرمه وشرفه، وعظمة الصحابة الكرام والتابعون من بعدهم؟ إن هذه الأمة لما استهانت بنبيها صلى الله عليه وسلم باستهانتها لسنته جعلت في الخلف ظهرياً، وعندما أصبحت تعيب على أصحاب السنن وتستهين بهم، بل وتستهين بعلمائها الذين هم حملة الدين وورثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ هانوا عند ربهم بأفعالهم؛ لأنهم حاربوا السنن بقدر استطاعتهم.

فعلى هذه الأمة أن تستيقظ من سباتها، وتستفيق من غفوتها، وترجع إلى تعظيم نبيها صلى الله عليه وسلم، وتعظيم سنته، والعمل بها ونشرها بين الناس، فإذا رأى أهل الكفر أن هذه الأمة تعظم نبيها بتعظيم سنته عظموه وهابوا مكانته، قال الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفتح:8 - 9] وتعظيم النبي وتعظيم سنته وتحكيم شريعته يكون في كل صغيرة وكبيرة، وفي كل دقيقة؛ ونشر ذلك في كل مكان: على الإنترنت، على الفضائيات، على المذياع، على كل شيء.

لا تسكت أنت تستطيع أن تحول أمة بأسرها إن كنت مخلصاً، فلحظة صدق واحدة مع الله لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم تنقلب الدنيا بأسرها لتناصر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

انظروا إلى أم إسماعيل لحظة صدق واحدة صدقت فيها مع ربها جل في علاه فحباها الله زمزم عيناً معيناً إلى يوم القيامة بلحظة واحدة.

ولا بد من النصح لأصحاب الفضائيات وغير هؤلاء بوقفهم الهجوم الضاري على سنن النبي صلى الله عليه وسلم، ويناصح الذين يقولون: إن البخاري أحاديثه موضوعة، ومسلم أحاديثه ضعيفة! علينا أن نناصح هؤلاء القوم بأن نقول: إن سنة النبي فوق الرءوس، فهو قدوتنا وأسوتنا، ولن نرتقي ولن نمكن ولن نرتفع إلا بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم بتعظيم سنته.

ألخص النقاط التي يجب علينا فعلها ونسأل الله أن نفعلها جميعاً: أولا: التوبة إلى الله: فإن سب الرسول من أردئ وأشد البلايا على هذه الأمم؛ لأن الله يغربل البشر، فإن سب الرسول فيه غربلة لنا، وإن رسول الله جنابه محفوظ، ومكانته عند ربه محفوظة، والمعني بذلك نحن، وإن الله يختبرنا وينظر إلى قلوبنا ويكشف عنا، هل نصدق معه؟ هل نحب رسول الله حقاً؟ هل نتمسك بسنته حقاً أم لا؟ فلا بد من التوبة الصادقة على تفريطنا في دين الله جل في علاه، وعلى تفريطنا في عدم التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا بلاء، وإن البلاء لا ينزل إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة.

ثانياً: نشر فضائله في كل الأقطار، فعليك أن تنشر فضل نبيك صلى الله عليه وسلم وأن تعرف رحمته وتعرف سماحته وكرمه وشجاعته وعلمه وتقواه وورعه، وأن تنشر ذلك في كل مكان: في عملك في دكانك في بستانك في أسرتك، علم أولادك حب رسول الله وحب آل بيت رسول الله وتعظيم رسول الله وتعظيم صحابة رسول الله، كما قال عبد الله بن المبارك: إن تعليم الأولاد حب صحابة رسول الله من دين الله جل في علاه فكيف بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثالثاً: التمسك بهذه السنن والعمل بها وتعظيمها وتعظيم من يعمل بها، ولن يتم ذلك إلا بطلب العلم، فلا يمكن أن تعظم سنة النبي إلا أن تعلمها، وكيف تعلمها وأنت على سريرك؟ وكيف تتعلمها وأنت أمام الفضائيات؟ فهم لا يشرحون لك الكتب العلمية، ولا يعلمونك كيف كان يستنبط العلماء كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولن تتعلم سنة النبي إلا بالعلم، ولن تفوز ولن ترتقي إلا بذلك، وقد قرأت كلام بعض العلماء المعاصرين قال: من أراد التمكين والرفعة لهذه الأمة والرجوع إلى الازدهار الأول وجب عليه التفريق بين القراء وبين العلماء، وبين العلماء والخطباء، لا بد أن تفرق بين هؤلاء وهؤلاء؛ لأن الأمة لم ترتق إلا بعلمائها، وكل القراء والخطباء والعظماء والمثقفون لابد أن ينزلوا تحت لواء العلماء، وخلفهم؛ لأن هؤلاء كلهم خلف رسول الله، ورسول الله يحمل لواءه العلماء، فعليك أن تعلم أنك لن تنشر سنة نبيك إلا بالعلم، ولن ترتقي إلا بتعلم سنة النبي حتى تنصرها وحتى تنشرها بين الناس.

رابعاً: الولاء التام للنبي صلى الله عليه وسلم بكل ما تستطيع، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، بالقلم فتكتب عن رسولنا العظيم، ولن تبرأ ذمتك أمام ربك جل في علاه حتى تضرب بسهم في نصرة رسول الله وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خامساً: حث الناس على مقاطعة كل ما يأتي من قبل هؤلاء، أنا ما كنت أقول بالمقاطعة في السابق حتى عارضين بعض طلبة أهل العلم، فقلت بذلك نظراً للمصالح في هذه المسألة، فهذا عرض رسول الله هذا جناب رسول الله، فكيف نرضى بالدرهم والدينار ليهدم عرض رسول الله؟ لو قمنا بهذه المقاطعات هل سيحدث الفقر؟! وإذا حدث فلنمت على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه} [التوبة:28].

سادساً: لا بد من الوقفة الصحيحة الصادقة مع النفس، فكل واحد يقول: هل نصرت رسول الله أم لا؟ وهذه تكفيك، والإجابة عندكم وليست عندي.

سابعاً وأخيراً: الهمة في دعوة غير المسلمين، أنت الآن لا تستطع أن تفعل لهم شيئاً، ولكن تستطيع أن تدعوهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما قاتل الكفار من أجل القتال ولا من أجل إسالة الدماء ولكن قاتل من أجل نشر الدعوة والتوحيد، فنحن نقول الآن: أنت تستطيع أن تدعوهم إلى الإسلام، فلا بد من الهمة العالية في دعوة غير المسلمين إلى الدخول في هذا الدين؛ لأن هذا من حق نبينا عليك، ومن نصرة النبي أن تفعل ما أمرك به، فمن حق نبينا علينا أن نبلغ عنه ولو آية، كما قال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم).

وحتى لا يصل الإسلام مشوهاً إلى هؤلاء الذين يقولون عنا: قتلة، ويسيلون الدماء، ويفعلون كذا، فلا بد عليك من أن تتعلم العلم وتنشره بين الناس وتدعو إلى ربك على غرار قول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108]، وبقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وأسأل ربي الكريم أن يلهمني الإخلاص، وأن يبرئ ساحتي أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألا أكون مقصراً في حقه إلى يوم الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015