من المتأخرين من يقول: إن سب الدين ليس بكفر، وإنما هو من سوء الأدب، وهذا كلام باطل ضعيف جداً، بل إن سب الدين كفر، فمن سب الدين فقد كفر؛ لأن الذي يسب الدين فهو في الأصل يسب من أنزل هذا الدين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الريح)؛ لأن من سب الريح فقد سب من أرسل هذه الريح، فسب الدين الأصل فيه أنه كفر، وهذا التكفير للنوع وليس للمعين، وأما المعين فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة وتزال عنه الشبهة، فإذا جئنا إلى هذا الرجل الذي يسب الدين فقلنا له: فنقول: اتق الله، فسب الدين سب لله، وذلك كفر، فإن قال: إليك عني، وسب بالدين مرة ثانية فإنه يكفر عيناً، فيستتاب وإلا يقتله ولي الأمر.
وأما سب الله وسب رسوله فليس فيه إقامة حجة ولا إزالة شبهة، فسب الدين يختلف عن سب الله وسب رسوله؛ لأن القاعدة عند العلماء: أن لازم القول ليس بقول حتى يقر صاحب القول بذلك؛ لأن من سب الدين فلازمه سب أنزل هذا الدين.
ولذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكفر من سب الريح لكن نهاه، وقال: (لا تسبوا الريح) لأن الذي يسب الريح فلازم ذلك سب من أرسل هذه الريح، فلازم القول ليس بقول، فلذلك لا بد أن تقيم عليه الحجة وتزيل الشبهة.
وأما من سب الله بواحاً، أو سب الرسول في عرضه، أو قال: عائشة زانية أعوذ بالله من غضب الله، فهي المبرأة الصديقة، وهي زوج النبي في الدنيا وفي الآخرة، فمن رماها بالزنى فهو كافر بلا إقامة حجة ولا إزالة شبهة، لأنه مكذب للقرآن صراحة، ومتهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
وصل اللهم وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.