وهذا خالد بن الوليد وما أدارك ما خالد؟ قال له ملك الأعاجم: من أنت؟ أأنزل الله لك سيفاً من السماء تقاتل به فلا تهزم أبداً؟ هو خالد الذي أخبت لربه وأظهر الله إخلاصه وسريرته النقية، فقد جعل الله عز وجل النصر للمسلمين والعز لأهل الإسلام كلهم، وذلك بيد هذا الرجل سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، وهناك أروع الأمثال التي ضربها لنا إخلاصاً لله، فـ خالد بن الوليد كان أمير الجيوش في معركة زلزلت الروم: معركة اليرموك، فقد كان هو أمير الجيوش بأسرها، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يكلم أبا بكر كثيراً أن يعزل خالداً بن الوليد، فلما مات أبو بكر وهم في معمعة المعركة بعث عمر بن الخطاب لـ خالد بن الوليد، فلما تلقى خالد الكتاب نزل على رأي عمر، حتى إنه قال: إنه يرى ما يرى، فهو يرى الأصلح، ثم بعد ذلك خلع إشارة الإمارة وأصبح جندياً في سبيل الله يعمل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (رُب فارس آخذ بعنان فرسه، إن كان في المقدمة كان في المقدمة، وإن كان في المؤخرة كان في المؤخرة، وإن كان في الساقة كان في الساقة)، أي: إن كان أميراً كان أميراً لله، وإن كان جندياً كان جندياً لله، ما دام العمل لله جل في علاه.
وانظروا للمكافئة من الرب الجليل، فـ خالد بن الوليد بعد أن أصبح جندياً تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح في غزوة قنسرين أبلى بلاءً حسناً، فأمره أبو عبيدة عليها، فبعث لـ عمر وقال: أمرت خالداً، فبكى عمر وقال: والله! إن خالداً يؤمر نفسه، رحم الله أبا بكر كان أعرف بالرجال مني.