إن التنازل عن شيء من الإسلام يعد انحرافاً، فالصراط المستقيم هو الإسلام، والإسلام هو دين الله الذي أنزله ليحكم بين عباده، وليهيمن على حياة البشر في كل شأن من شئونهم: في الحكم، والتشريع، والتربية، والتعليم، والإعلام، والاقتصاد، والعلاقات بين الأفراد، وبين الأمة الإسلامية وغيرها من الأمم.
إنّ طائفة من البشر يريدون أن تكون كلمتهم هي العليا في ذلك كله، ويريدون من دعاة الإسلام أن يقصروا جهودهم على أجزاء من الإسلام كالعبادات والأمور الأخلاقية، ويرفضون أن يمتد الإسلام ليهيمن هيمنة كاملة على الأفراد والمجتمعات، وبعض الذين يتصدون للعمل الإسلامي قد يساومون في هذه القضية، ويرضون بصفقة تعطيهم الحق في دعوة الناس إلى شيء من دينهم، وبالتالي سيسكتون عن أشياء كثيرة، ومع مرور الزمن ينسون أن هذه الأشياء التي تركوها هي من الدين، وبذلك تنحرف المسيرة الإسلامية.
وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من هذا المنهج، وسمى الذين لا يريدون هيمنة الإسلام على الحياة بالظالمين؛ لأنهم ظلموا أنفسهم وظلموا البشر معهم عندما عارضوا منهج الله تعالى، ومنعوا الناس من هذا الخير والنور، وجلبوا لهم الدمار والخراب الذي يحل بالظالمين، وقد حذر الله دعاة الإسلام من الركون إلى الظالمين فقال: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ} [هود:113].
يقول صاحب (الظلال) في تفسير هذه الآية: لا تستندوا ولا تطمئنوا إلى الذين ظلموا من الجبارين والطغاة الظالمين أصحاب القوة في الأرض، الذين يقهرون العباد بقوتهم، ويعبّدونهم لغير الله من العبيد، لا تركنوا إليهم؛ فإن ركونكم إليهم يعني إقرارهم على هذا المنكر الأكبر الذي يزاولونه، ومشاركتهم في إثم ذلك المنكر الكبير.