لكن بعض الناس بالفعل فقيه، تسأله عن مسألة فيذهب إلى الكتاب فيفتح الكتاب يقع على المسألة، قد يقع على المسألة وقد يقدم ورقة ويؤخر ورقة، هذا الفقيه بالقوة القريبة من الفعل، يستطيع الوصول إلى المسائل في كتب أهل العلم، ويستطيع أن يتعامل مع كلام أهل العلم بالطريقة المسلوكة عنده، لكن من تخرج على المذكرات هل يستطيع أن يتعامل في كتب أهل العلم، ويفهم كلام أهل العلم؟ لا يستطيع، كلام أهل العلم عندهم أصول، وعندهم قواعد، وعندهم اصطلاحات لا يفهمها إلا من عانى كلامهم، ولذا المطلوب من طلاب العلم ألا يقرءوا ولا يعتمدوا على كتب المعاصرين، يكون معولهم على الكتب التي ألفت لطبقات المتعلمين من أهل العلم، وهي التي يربى عليها طالب علم، أما أن يقرأ في مذكرات، وفي كتب معاصرين صيغت للمعاصرين يفهمها كل أحد، هذه ما تربي طالب علم؛ لأنه قد يحتاج إلى مسألة في كتاب من كتب المتقدمين، فلا يستطيع فهمها.

يقول عبد الله بن الإمام أحمد: كثيراً ما يسأل الإمام أحمد عن المسائل فيقول: لا أدري، ويقف إذا كانت مسألة فيها اختلاف وكثيراً ما يقول: سل غيري فإن قيل له: من نسأل؟ قال: سلوا العلماء، ولا يكاد يسمي رجلاً بعينه، لا يكاد يسمي رجلاً بعينه، قال: وسمعت أبي يقول: "كان ابن عيينة لا يفتي في الطلاق، ويقول: من يحسن هذا".

مع أنه من أهل الفتوى المعروفين ابن عيينة.

وكان أحمد -رحمه الله- تعالى شديد الكراهية والمنع للإفتاء بمسألة ليس فيها أثر عن السلف، يعني مسألة جديدة، نازلة، الإمام أحمد يكره كراهية شديدة أن يفتي بهذه المسألة التي لم يسبق إليها، كما قال الإمام أحمد لبعض أصحابه: "إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015