يقول عبد الرحمن بن مهدي: "سأل رجل، يقول عبد الرحمن بن مهدي: "سأل رجل من أهل المغرب مالك بن أنس عن مسألة فقال: لا أدري، فقال: يا أبا عبد الله تقول لا أدري؟ قال: نعم، قال: نعم، مالك نجم السنن يقول: لا أدري؟ قال: نعم، فأبلغ من وراءك أن مالك لا أدري".
ثم ماذا؟
والعلماء ينقلون عن مالك ويتداولون في كتبهم، أنه سئل عن أربعين مسألة فأجاب عن ست وثلاثين مسألة بقوله: لا أدري، وأجاب السائل عن أربع.
الذي يجيب هذه النسبة عشر ما يسأل عنه هل يصنف عالم، وإلا طالب علم، وإلا لا علم له، عنده، بماذا ينصف؟ هل هذا فقيه؟ يعني لو إنسان يسأل طول عمره ما يجيب إلا بالعشر، هل يصنف عالم وإلا ما يصنف؟ هل يقال: هذا فقيه وإلا ليس بفقيه؟ إي نعم في عرف أهل العلم أن مثل هذا ليس من أهل العلم.
لكن عند أهل العلم أن الفقه كما يكون بالفعل يكون بالقوة القريبة إلى الفعل، إيش معنى القوة القريبة من الفعل؟
مالك الآن ليست عنده مراجع، سئل عن هذه المسائل وأجاب عن أربع هذه يتبينها مثل الشمس، والبقية يشك فيها، فهل يلزم أن يجيب فيها؟ لا يلزم، لكن مالكاً إذا رجع إلى كتبه وأصوله، يستطيع أن يحرر هذه المسائل أو لا يستطيع؟ يستطيع، فمالك فقيه؛ لأن الفقه عندهم إما أن يكون بالفعل بأن يسأل عن المسائل فيجيب عن الأسئلة بأدلتها، وإما أن يكون بالقوة القريبة من الفعل بأن تكون لديه الأهلية لبحث المسائل العلمية والترجيح والتعامل مع النصوص على مقتضى الجادة المعروفة عند أهل العلم، هذا فقيه بالقوة، لكن من سئل عن مسألة في الطهارة مثلاً، فأخذ كتاباً من كتب الفقه المرتبة على الطريقة المعروفة عند أهل العلم، ثم أخذ يقلب الصفحات الأخيرة، هذا فقيه بالفعل أو بالقوة؟ لا هذا، ولا هذا، كما لو سئل عن مسائل في الإقرار فذهب يبحث عنها في أوائل الكتب المرتبة.