أولاً: أهل العلم لم يدخلوا الاختلاف في الفروع في هذا الحديث، الاختلاف في الفروع في هذا الحديث لم يدخل أصلاً، ونبهوا على ذلك في كتب الفرق، ولهذا يوجد الخلاف في الفروع بين خيار الأمة، بين الصحابة، بين أبي بكر وعمر، يوجد الخلاف في الفروع، وكل يجتهد، فمن أصاب فله أجران -كما جاء في الحديث- ومن أخطأ فله أجر -أجر واحد- ولا يثرب أحد على أحد في الفروع إذا كان القول مما يحتمله النص، والقائل به أهل للنظر والاجتهاد، ليس لكل أحد أن ينظر في النصوص، إنما الذي ينظر في النصوص من لديه أهلية النظر، وأما من عداه ففرضه سؤال أهل العلم {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل]، الخلاف في الفروع لا يدخل في حديث الافتراق، ولذا يكون من الأمة الناجية والفرقة الناجية من هو على مذهب أبي حنيفة، ومن هو على مذهب مالك، ومن هو على مذهب الشافعي، ومن هو على مذهب الإمام أحمد، أعني في الفروع، لم يدخلوا الخلاف في الفروع أصلاً، الخلاف في الأصول وفي العقائد، فالفرقة الناجية هي ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي، لكن من ابتدع في الدين واخترع قولاً لم يسبق إليه، سواء كان في الاعتقاد أو في العمل فهو مبتدع، ثم ينظر في هذا المبتدع، والبدع كلها ضلالة، وليس في البدع ما يحمد ولا يمدح، وليس من البدع ما هو حسن، وإن ادعى ذلك من ادعاه من أهل العلم، وجعلوا للبدعة الأحكام الخمسة التكليفية، جعلوا من البدع ما هو واجب، وجعلوا من البدع ما هو مستحب، وجعلوا من البدع ما هو مباح، وخلطوا في مفهوم البدعة، فجعلوا أمور الدنيا يمكن يدخل فيها الابتداع، التوسعة في ألوان الطعام والشراب واللباس والمساكن جعلوا هذا من البدع المباحة، لكن هل البدع تدخل في العادات ما لم يتعبد بها؟ إذا تعبد بها دخلت في البدعة، أما إذا لم يتعبد بها وتناولها الإنسان لا على جهة التعبد، يتعبد الله -جل وعلا- بهذا النوع من الطعام، وأنه أفضل من غيره، وأنه يؤجر على أكله أكثر من غيره، لا هذه بدعة، إذا تعبد بهذه المباحات، لا أعني أنه يريد أن يتقوى بها على العبادة، هذا يؤجر على هذه النية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015