وقد يقول قائل: أن الناس كثير منهم نراهم يصومون ولا يفرطون في الصيام، يصومون الفرض، شهر رمضان، ويكثرون من صيام النوافل ومع ذلك التقوى لم تتحقق، بمعنى أنهم يفرطون في بعض الواجبات، ويرتكبون بعض المحرمات، والله -جل وعلا- يقول: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} نقول: الصيام الذي يحقق التقوى هو الصيام الذي على مراد الله -جل وعلا-، وعلى مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-؛ فالذي يصوم كصومه -عليه الصلاة والسلام- ويصون صيامه عن الخوارم فالصوم جنة، تقي العبد مما يؤذيه سواء كان هذا في الدنيا أو في الآخرة، فهو جنة ما لم يخرقها، كما جاء في الخبر، فإذا خرقها بما ينقص ثوابها ويضاد ويخالف الهدف من مشروعيتها فهو الذي جنى على نفسه، فنجد في المسلمين من يصوم ويحرص على الصيام، ولو دفع له ما على وجه الأرض من متاع في مقابل صيام يوم واحد لرفض، ومع ذلك لم يتحقق له الهدف الذي من أجله شرع الصيام، وذلكم لأنه لم يصم الصوم الموافق لصيامه -عليه الصلاة والسلام-، تجده يصوم ويمسك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يمسك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ثم بعد ذلك لا يكف لسانه عن القيل والقال، تجده يتحدث في أعراض الناس، ويأكل لحومهم، ثم لا تجده يحمي سمعه عن الحرام، ولا يحمي بصره عن الحرام، فمثل هذا لا تترتب عليه الآثار التي رتبت عليه شرعاً، إذ هذا الصيام ناقص، لا يقال: بأن الصيام باطل، إذا أمسك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، صومه صحيح ولا يؤمر بإعادته، لكن الآثار المترتبة عليه لا تترتب على صيام هذا الشخص، الذي لم يحمي ولم يصن لسانه ولا سمعه ولا بصره عما حرم الله -جل وعلا-، وهذا الصيام فيه قول الله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] فإذا اتقى الله -جل وعلا- في صيامه فإن صومه مقبول، أما إذا لم يتق الله -جل وعلا- في صيامه بمعنى أنه ارتكب محرماً أو فرط في واجب، نام عن الصلوات المفروضة، صلاها بعد خروج وقتها، لم يصلها مع جماعة المسلمين كما أوجب الله -جل وعلا- مثل هذا لم يتق الله -جل وعلا- في صيامه والله -جل وعلا- يقول: