{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.
المراد بنفي القبول هنا هو نفي الثواب المرتب على هذه العبادة، فلا ثواب له عليها، ولكن القبول بمعنى الصحة، الصوم لا يؤمر بإعادته كما هو مقرر عند أهل العلم، لكن معه ذلك الثواب المرتب عليه لا يستحقه هذا الذي لم يصن صيامه عن المحرمات، ونظير ذلك ما جاء في الصلاة {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(45) سورة العنكبوت] المسلم يحرص على الصلاة، ونرى في المسلمين -ولله الحمد- من يحافظ على الصلوات، بشروطها وأركانها ومع جماعة المسلمين، ولا يفرط في هذا، لكنه مع ذلك قد يرتكب بعض المحرمات، فهل هذا خلف في وعد الله -جل وعلا-؟ كلا، وعد الله لا يخلف {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [(194) سورة آل عمران] ولكن هذا لخلل في صلاته، ما صلى كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
الحاج يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه لكن شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لأي حاج؟ لمن اتقى، يعني لا إثم عليه، يرتفع عنه الإثم، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، لكن شريطة أن يتقي الله -جل وعلا-، ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) بعض الناس يقول: الحج الآن أربعة أيام ويمكن أن يمسك لسانه لا يرفث ولا يفسق، ليرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وهو في حال السعة طول أيامه في أثناء العام شغل وقته بالقيل والقال، ويريد أن يحفظ لسانه في هذه الأيام الأربعة، نقول: أبداً لا يمكن، وشواهد الأحوال من حال كثير من الحجاج لا تحتاج إلى بيان كثير من الحجاج تجده في عرفة في عشية عرفة يفسق ويرفث ويهزأ ويسخر ويغتاب، هل هذا غني عن المغفرة؟ لا ليس بغني، هل هذا لا يستطيع أن يمسك لسانه؟ الأصل أن يطبق شفتيه ولا يتكلم، لكن مثل هذا لا يعان، إلا إذا تعرف على الله في الرخاء فإنه يعرفه في الشدة.