الشيخ/ عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنه من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الصيام ركن من أركانه، وهو أحد دعائمه التي بينت في حديث جبريل وسؤاله للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما سأل عن الإيمان والإسلام والإحسان أجابه: بالأركان الخمسة في سؤال الإسلام، وفي حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) هكذا في الصحيحين، وفي صحيح مسلم بتقديم الصيام على الحج، وسواء تقدم الصيام على الحج أو تأخر عنه فالإجماع قائم على أن الصيام –صوم شهر رمضان– ركن من أركان الإسلام، والخلاف في كفر تاركه معروف بين أهل العلم ولو أقر بوجوبه، ولكن الذي عليه الجمهور أنه لا يكفر، وإن قال بكفره جمع من أهل العلم، وهذا يدل على أن شأنه عظيم، ومن أفطر في يوم من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر ولو صامه، فهذا يدل على التشديد في شأنه.
ويقول الله -جل وعلا- في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ –يعني فرض وأوجب– كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] فالصيام من أعظم ما يحقق التقوى، التي هي وصية الله -جل وعلا- للأولين والآخرين؛ فالتقوى إنما تتحقق بالصيام كما أنها تتحقق ببقية أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج، وأما الذي لا ينطق بالشهادتين فهذا لم يدخل في الإسلام أصلاً، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، أو حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فالمسألة هي من دخل في الإسلام، وادعى الإسلام ونطق بالشهادتين لا تتحقق له التقوى حتى يأتي بهذا الركن العظيم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} والتقوى فعل الأوامر واجتناب النواهي.