وهل يشترط أن يكون المسجد جامع لئلا يخرج إلى صلاة الجمعة؟ اشترطه بعضهم، والأكثر على أنه لا مانع من خروجه إلى صلاة الجمعة مرة في الأسبوع، وأن هذا لا يؤثر، فمن اعتكف يلزم المسجد ويشتغل بالعبادات الخاصة، ولا يخرج إلا لما لا بد منه، لحاجة الإنسان، إذا أراد أن ينقض الوضوء أو يتوضأ أو يأكل إذا كان دخول الطعام والشراب ممنوع في المسجد، يخرج لأنه لا بد منه.

وخروج بعض الجسد لا يخل بالاعتكاف؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يخرج رأسه لعائشة وهو في بيتها لترجله، خروج بعض البدن لا يخل بالاعتكاف، وليس معنى هذا أن الإنسان يجلس قرب باب المسجد ويطالع الذاهب والرايح، ويقضي أكثر وقته في هذا ويقول: خروج بعض البدن لا يخل بالاعتكاف، لا أنا أقول: للحاجة.

والاعتكاف يصح في جميع المساجد التي تؤدى فيها صلاة الجماعة ولا يختص بالمساجد الثلاثة كما جاء عن حذيفة لأن ابن مسعود -رضي الله عنه- رد عليه {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] و (ال) هذه جنسية تشمل جميع المساجد، كونه -عليه الصلاة والسلام- ما اعتكف إلا في مسجده، هذا لا، الأصل أن يعتكف في مسجده، ولا يتصور أن ينتقل إلى بلد آخر ليعتكف به ليبين الجواز، إنما الأصل أن يكون الاعتكاف في المساجد.

النساء تعتكف في المساجد أيضاً، تعتكف في المساجد كما اعتكف أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- من بعده في المسجد؛ لكن شريطة أن تؤمن الفتنة، لا تبحث المرأة عن سنة ثم بعد ذلك ترتكب محرمات، وتتعرض لرؤية الرجال الأجانب، أو يفتتن بها من يفتتن، أو هي تفتتن بالرجال، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإذا أُمنت الفتنة ووجد مكان في المسجد بحيث لا يستطيع الرجال الوصول إليه وأمنت هذه الفتنة فالنساء شقائق الرجال، كما يستحب في حق النساء يستحب في حق الرجال على ألا تضيع ما هو أوجب من ذلك عليها، المقصود أنه مشروع في حق النساء أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015