كيف نستثني النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله: ""لو أن أحلام بني آدم منذ خلق الله الخلق، وضعت في كفة ميزان ... إلى آخره"؟

هذا مقتضاه أنه مرفوع، والخلاف في دخول المتكلم في كلامه معروف بين أهل العلم، فعلى هذا لا يدخل النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الكلام؛ لأنه هو الذي تكلم به، وقد قال الله تعالى: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [سورة طه: 115]، أطال ابن القيم -رحمه الله- تعالى في تقرير هذه المسألة بأقوالها وذيولها بعد أن أفاض في ذكر الحكمة في إهباط آدم من الجنة في مفتاح دار السعادة.

قال: "قالت طائفة منهم أبو مسلم، و، أبو مسلم، ومنذر بن سعيد البلوطي وغيرهما: أنها إنما كانت جنته في الأرض في موضع عال منها، لا أنها جنة المأوى التي أعدها الله لعباده المؤمنين يوم القيامة وذكر منذر بن سعيد هذا القول في تفسيره عن جماعة فقال: وأما قوله لآدم: {اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [سورة البقرة: 35]، فقالت طائفة: أسكن الله تعالى آدم -صلى الله عليه وسلم- جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة.

وقال آخرون: "هي جنة غيرها جعلها الله له واسكنه إياها ليست جنة الخلد، قال: وهذا قول، أي القول الثاني، قول: تكثر الدلائل الشاهدة، تكثر الدلائل الشاهدة له والموجبة للقول به؛ لأن الجنة التي تدخل بعد القيامة هي من حيز الآخرة، هي من حيز الآخرة، وفي اليوم الآخر.

وأطال في ذكر أدلة هذا القول إلى أن قال: وقد روي عنه أنه قال لأم حارثة، عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال لام حارثة: لما قالت له: يا رسول الله إن حارثة قتل معك فإن كان صار إلى الجنة صبرت واحتسبت وإن كان صار إلى ما سوى ذلك رأيت ما افعل، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أو جنة واحدة)) يعني هل لا يوجد إلا جنة واحدة؟ ((إنما هي جنان)) ((إنما هي جنان)) ((إنما هي جنان كثيرة)) فاخبر -صلى الله عليه وسلم- أن لله جنات كثيرة فلعل آدم أسكنه الله جنة من جناته ليست هي جنة الخلد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015