لكن هذه الجنان التي أشير إليها في قصة حارثة، هذه الجنان التي أشير إليها في قصة حارثة إنما هي الجنات التي سبق ذكرها السبع، وكلها على ما سيأتي في المسألة الثالثة، نعيمها دائم وليس بفان، فهي من دار الخلد.

قالوا: وقد جاز، أو وقد جاء في بعض الأخبار أن جنة آدم كانت بأرض الهند قالوا: وهذا وإن كان لا يصححه رواة الأخبار ونقلة الآثار فالذي تقبله الألباب ويشهد له ظاهر الكتاب أن جنة آدم ليست جنة الخلد، ولا دار البقاء، ولا دار البقاء، وكيف يجوز، تابع كلام منذر بن سعيد البلوطي في تفسيره: وكيف يجوز أن يكون الله اسكن آدم جنة الخلد ليكون فيها من الخالدين، وهو قائل للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [سورة البقرة: 30]؟ استدلال ظاهر وإلا غير ظاهر؟ يعني أسكنه جنة الخلد ليكون من الخالدين، ثم يخبر الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة، مقتضى إخباره للملائكة أنه سوف يخرجه من هذه الجنة ويسكنه الأرض ليكون خليفة له في أرضه، فلو كانت دار الخلد لكان في هذا خلف في الكلام، هذا مشكل وإلا غير مشكل؟ وكيف يجوز أن يكون الله أسكن آدم جنة الخلد ليكون فيها من الخالدين، وهو قائل للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}؟ يعني نظير ما قيل: {وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [سورة هود: 71]، ثم يرى في المنام أنه يذبحه، على قول من يقول أن الذبيح إسحاق، كيف يوعد إبراهيم بإسحاق ومن ورائه يعني من بعده يعقوب، ثم يرى في المنام أنه يذبحه؟ يتصور هذا وإلا ما يتصور؟ يعني التنظير في هذه المسألة لو كان الذبيح إسحاق لكان التنظير مطابقاً، يعني لو قيل مثلاً: أنه جاء في الرؤيا من يقول: إن فلان يعيش مدة عشرين سنة، يعيش مدة عشرين سنة، وجاءت رؤيا أخرى تدل على أنه يولد لهذا الشخص ولم يتزوج قبل العشرين لقلنا: إن هذه الرؤيا إحداهما باطلة؛ لأنها تكذب الأخرى؛ لأنها تكذب الأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015