فالجواب يقول القرطبي: فالجواب: أن الله تعالى عرف الجنة بالألف واللام، عرف الجنة بالألف واللام ومن قال: أسال الله الجنة لم يفهم منه، لم يفهم منه في تعارف الخلق إلا طلب جنة الخلد، لم يفهم منه في تعارف الخلق إلا طلب جنة الخلد، يعني حينما يقول الإنسان في دعائه وهو ساجد، أو في قنوته، أو في أدبار الصلوات، أو في مواطن الإجابة: أسأل الله الجنة، هل ينصرف الذهن إلى أن هذه الجنة بستان، بستان رآه وأعجبه، أو يطلب الله بستان أي بستان؟ أو يطلب جنة الخلد؟ في عرف الناس كلهم إذا أطلقت الجنة انصرفت إلى جنة الخلد، لكن أصحاب الجنة مثلاً دلت القرائن وسياق الكلام إلى أنها ليست جنة الخلد، إنما هي بستان، ولا يستحيل في العقل دخول إبليس الجنة لتغرير آدم، هذا كلام القرطبي- وقد لقي موسى آدم -عليهما السلام- فقال له موسى: أنت أشقيت ذريتك وأخرجتهم من الجنة، فأدخل الألف واللام ليدل على أنها جنة الخلد المعروفة فلم ينكر ذلك آدم، ولو كانت غيرها لرد على موسى، قال: أنا ما خرجت، انتقلت من أرض إلى أرض، ومن أرض في بستان فيها بستان في عدن، من ناحية عدن انتقل إلى أرض أخرى وأسوي بستان آخر، فأدخل الألف واللام ليدل على أنها جنة الخلد المعروفة فلم ينكر ذلك آدم، ولو كانت غيرها لرد على موسى، فلما سكت آدم على ما قرره موسى صح أن الدار التي أخرجهم الله -عز وجل- منها بخلاف الدار التي أخرجوا إليها، فصح أن الدار التي أخرجهم الله -عز وجل- منها بخلاف الدار التي أخرجوا إليها.
يعني لو كانت جنة بستان في الأرض ما صار هناك فرق بينها وبين بستان آخر، لكن هناك فرق بين الجنة التي أخرجوا منها، والجنة، أو الدار التي أهبطوا إليها، وأما ما احتجوا به من الآي السابقة، {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا} [سورة الواقعة: 25]، {لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا} [سورة النبأ: 35]، وأما ما احتجوا به من الآي فذلك إنما جعله الله فيها بعد دخول أهلها فيها يوم القيامة، ولا يمتنع أن تكون دار الخلد لمن أراد الله تخليده فيها وقد يخرج منها من قضي عليه بالفناء، وقد يخرج منها من قضي عليه بالفناء.