{واستعن بالله ولا تعجز} كرَّر صلى الله عليه وسلم "لا تعجز"؛ ليبين لنا سبب الكسب وطلب الإرادة منه؛ لأن للعبد مشيئة تحت مشيئة الله عز وجل، والعبد يوم يعلم الله توجهه وحرصه يعصمه الله عز وجل، أهل النجاح والتفوق، وأهل الكسب والأخذ والعطاء ما منحهم الله ما لديهم إلا لأنهم توجهوا إليه -سبحانه وتعالى- وطلبوا ما عنده.
ومن أعظم الكسب: الدعاء، وترك المعاصي، والاستغفار، والسهر على المصلحة، حتى يحصل لها صاحبها.
{وإذا أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان} الشاهد من الحديث: لماذا تفتح "لو" عمل الشيطان؟
قال القاضي عياض وابن حجر: لأن "لو" إذا حدثت وسوس العبد وقال: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا؛ فشك في قضاء الله وقدره، فدخل في الارتياب، وهو فعل الشيطان، ولذلك تجد الناس يتسخطون في القضاء والقدر.
ابن الراوندي -وتكتب ابن الريوندي محيي الدين الكلب المعفَّر- وكثيراً ما أذكر قصته لأنه يعترض على القضاء والقدر، رأى أعرابياً عنده بستان، وعنده خيالة، وعبيد ومال، فالتفت إلى السماء وقال: هذا العبد عنده كذا! وأنا الذي أكيل الدنيا ما أعطيتني شيء؟ ثم رمى بالخبزة في نهر دجلة، فابتلاه الله عز وجل في حياته ودنياه، لأنه اعترض على القضاء والقدر.
لذلك يقول بعض الناس: يا رب! لماذا قدرت عليَّ كذا؟ ماذا فعلت يا رب؟ سبحان الله! جلَّ الله سبحانه وتعالى! بل يفعل ما يريد سبحانه وتعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23] سبحانه ما أجله! {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82].
ومقامك من القضاء والقدر -وهي تدور حول كلمة "لو"- ثلاث مقامات:
الأول: أن تؤمن أنه من عند الله عز وجل.
الثاني: أن تشكر الله عز وجل على النعمة.
الثالث: أن تحمد الله أنه لم يجعل المصيبة في دينك واستقامتك.