ثم قال عليه الصلاة والسلام: {احرص على ما ينفعك} يصاب الإنسان بعاملين مؤثرين: (الكسل والعجز) العجز في القلب، والكسل في الأعضاء، وإذا أصيب الإنسان بالعجز والكسل؛ فاغسل يديك منه فليس فيه خير، من بذر بذرة "ليت"، نبتت له شجرة "لعل" يقطف فيها ثمراً يُسمى الخيبة والندامة، وأكثر ما تمر "سوف" على أهل العجز والكسل، تقول له: احفظ القرآن؟ يقول: سوف أحفظ إن شاء الله، و"سوف" هذه تأخذ معه عشر سنوات! لماذا لا تصلي جماعة؟
قال: إن شاء الله سوف أصلي ويفتح الله عليّ.
فالعجز في القلب، والكسل في الجوارح، ولذلك تجد بعض الناس وهو ضعيف البنية لكنه قوي الإرادة، وتجد بعض الناس من أكبر الناس جسماً -على العكس- لكنه ضعيف الإرادة والتفكير.
قال: {احرص على ما ينفعك} قال أهل العلم: الحرص على المنفعة هو: أن تبذل كل سبب ليحصل لك النفع، العلم لا يأتي إلا بسبب، المال والرزق لا يأتي إلا بسبب، الاستقامة والتوجه والالتزام لا يأتي إلا بسبب، أما إنسان يقول: لو أراد الله أن يهديني لاهتديت، سبحان الله! جبري في المعصية قدري في الطاعة، يقول لك: لماذا كذبت على الله وسرقت؟ قال: لأن الله كتب عليَّ أن أسرق، قلنا له: سلمنا لك جدلاً! ولكن، لماذا تركت -جدلاً- صلاة الفجر -مثلاً- في وقتها؟
قال: حتى يقدر الله لي ذلك.
{احرص على ما ينفعك واستعن بالله} يقول أهل العلم كـ ابن تيمية: إن الحرص والسبب لا بد فيه عون من الله عز وجل، والمداومة على (إياك نعبد وإياك نستعين) والناس في (إياك نعبد وإياك نستعين) على ثلاثة أقسام:
قسم يعبدون الله ويستعينون به، وهؤلاء مؤمنون.
وقسم يعبدون الله ويستعينون بغيره، وهؤلاء فجرة.
وقسم يستعينون بالله ويعبدون غيره، وهؤلاء مشركون.
كان بعض المشركين يستعين بالله ويعبد غيره، وبعض الفجرة يعبد الله ويستعين بغيره، والمؤمن يعبد الله ويستعين بالله سبحانه وتعالى، والعبادة لا بد فيها من الاستعانة، وإذا لم يعنك الله عز وجل؛ فلن تستطيع أن تعمل أي عمل، قال مطرف بن عبد الله: والله لو كان الإيمان وأردت أن أدخله هنا إلى قلبي؛ ثم لم يرد الله عز وجل ما دخل الإيمان قلبي أبداً.