وقال عليه الصلاة والسلام: {لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي}؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ساق الهدي، فما أحل من إحرامه صلى الله عليه وسلم، وقال للصحابة: احلوا من احرامكم بعمرة، أي: اجعلوها عمرة، قالوا: كيف يا رسول الله؟
لأنهم لا يستسيغون هذا وهو صلى الله عليه وسلم محرم، فأخبرهم أنه قد ساق الهدي، والذي يسوق الهدي من بلده يبقى في إحرامه، فقال: {لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي} ففيه التحسر على الأمر الفاضل الذي فاتك، فلك أن تتحسر عليه إذا كان فيه منفعة دينية شرعية تليق بك، ويقول عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري: {ورجل يقول: لو أن الله آتاني مثل فلان، أو مثل ما آتى فلان، لعملت مثل ما عمل} وقد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام الناس أربعة: رجل عنده مال وعلم يعمل به ما يرضي الله، فهذا مأجور مشكور، ورجل ليس عنده مال ولكن عنده علم، فقال: لو أن الله عز وجل آتاني مالاً لفعلت به مثل ما فعل فلان، فهو مأجور وهما في الأجر سواء -مفهوم الحديث: ورجل جاهل آتاه الله مالاً فعمل به في المعاصي، فهو مأزور مدحور، ورجل رابع لم يؤته الله مالاً، وهو جاهل فقال: لو آتاني الله مالاً لفعلت به مثل ما فعل فلان، فهما في الوزر والإثم سواء.
فالرجل الأول: أخذ شيئاً أو تمنى شيئاً لا يعاند به القضاء والقدر ولا المشيئة وفيه خير، والثاني: تمنى هذا.