وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار أو شعب الأنصار}.
في هذا الحديث يُحبب الرسول صلى الله عليه وسلم الهجرة ويُقدِّمها على النصرة، فالمهاجرون أفضل بلا شك من الأنصار، قال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة:117] فقدم المهاجرين على الأنصار، ويوم توفي عليه الصلاة والسلام اجتمع الأنصار، وقالوا: الخلافة فينا، فأتى أبو بكر وهم في سقيقة بني ساعدة وهم في ضجة قال: ما لكم؟ قالوا: فينا الخلافة، قال: لا.
قالوا: منا أمير ومنكم أمير، قال: لا.
ثم تكلم أبو بكر بكلام أشفى العليل وأروى الغليل، وقال: بدأ الله بنا في القرآن وقدَّمنا عليكم، جزاكم الله من أهل وعشيرة خيراً، نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فرضيوا وبايعوا أبا بكر رضي الله عنهم جميعاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {لو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعب الأنصار} وفي صحيح البخاري: {آية الإيمان حب الأنصار} والأنصار هم من ناصر الرسول عليه الصلاة والسلام في دعوته يوم أتى المدينة، وكل من عادى الأنصار أذابه الله عز وجل كما يذوب الملح في الماء، ولذلك أتى الشاعر الأخطل التغلبي الفاجر، فقال:
ذهبت قريش بالمكارم والندى واللوم تحت عمائم الأنصار
فابتلاه الله عز وجل بسوء الخاتمة، لأنه تنقَّص أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.
إذاً: لا تظن بأنه يكون محظوراً عليك استخدام "لو" فهي مقروءة كثيراً في القرآن، قال سبحانه وتعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [الأعراف:188] فأمره أن يقول: "لو" وهذا لا ينافي القضاء والقدر؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يُؤمن بمشيئة الله، فمن آمن بمشيئة الله وأن تصاريف الأمور بيده سبحانه فلا بأس عليه.