طالما عاشت الأمة فترة الردود، أن تتلاطم على وجهها فيما بينها، هذا يرد على هذا، وهذا يقبح هذا، والردود لها نفع وفائدة متى كانت مصلحتها أعظم، لكن ليس في مسألة خلافية تتعرض لطلبة العلم والعلماء وفيها سعة، والنصح محتمل، ورأيت كتباً وهي موجودة في الساحة، وقد يكون الدليل مشتركاً لي ولك، وقد يكون فيها راجح ومرجوح، وقد لا يعاقب الله من أخطأ في هذه المسألة لأنه متأول.
ولا أعني بذلك الردود التي تبين الحق، وترد الخطأ، لا.
فهذا واجب على الأمة، كردود ابن تيمية وردود علماء الإسلام قديماً وحديثاً، فهذا وارد، لكن أعني أن هذه الغارات وهذه النزعات، وهذا الغضب والتشنج في الردود، وتجهيل بعض العلماء الفضلاء ونسيان الحسنات، ليس من منهج أهل السنة في الردود، والله يقول: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46].
فالتنازع فشل واختلاف، والله يقول: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105].
أيها الإخوة: يقول ابن تيمية في مختصر الفتاوى: الإجماع حجة قاطعة، والاختلاف رحمة واسعة، وقصده في الفرعيات التي اختلف فيها أهل العلم، والتي قننها ونظّرها في كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام.