ماذا قالوا عن الباري جلَّ في علاه، الذي تفرد بالجمال والكمال والجلال، الغني؟ يقولون: فقير! الغني فقير! يقولون عن الواحد الأحد: فقير!
أوحى الله لموسى فقال: يا موسى! قل لبني إسرائيل: أفقيرٌ أنا وأنا أغنيت من في السماوات والأرض؟!
أفقيرٌ أنا وأنا أطعمت الكائنات، وأنا أطعمت المخلوقات؟!
أفقيرٌ أنا -يا موسى- ويدي سحاء الليل والنهار؟!
أرأيت ما أنفقت من يوم خلقت السماء والأرض فإنها لم تنقص مما في يميني.
يقول كما في الحديث القدسي: {يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وأنسكم وجنكم، قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني فأعطيت كل واحدٍ مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر}.
واليهود يقولون: الله فقير! اسمع رد القرآن قال: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} [آل عمران:181] الحمد لله فقد سمع الله، ويكفي أنه سجل عليهم أنه سمع، وشهد، يكفي سمعنا كلامهم، وسجلناه عندنا وعرفناه: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:181] ما هو الرد؟ {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} [آل عمران:181] والله! وعزة الله! وكلمات الله! إنها تسجل عليهم لتحفظ في يومٍ ليس فيه شفيع ولا خلة ولا نصير ولا مولى.
ثم قال سبحانه وأدهى من ذلك، وأعتى، وأطغى، وأظلم: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ} [آل عمران:181] وهذا سحب ملفات الماضي، يقول: أدهى وأعتى وأجور وأطغى وأظلم وأبطش: {وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ} [آل عمران:181].
ألم يدبروا لقتل لمحمد صلى الله عليه وسلم وقتلوا أربعمائة نبي، على رأسهم زكريا ويحيى، شدخوا رءوسهم، وقتلوهم، ونشروهم، وسفكوا دماءهم؟
الأنبياء يقتلون؟! {وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ} [آل عمران:181].
هم الذين دبروا المكيدة.
ثم قال سبحانه وتعالى: {وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران:181 - 182] ثم التفت القرآن إليهم: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} [آل عمران:183] قال سبحانه وتعالى: {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران:183] إن كنتم صادقين أنكم لا تتبعون إلا أنبياءكم فلمَ قتلتموهم؟!