أصناف الناس في البكاء

والناس ثلاثة أقسام في هذه المسألة: طرفان ووسط.

الطرف الأول: من يبكي فيدعو بالويل والثبور ويولول ويصيح ويتسخط؛ فهذا مذموم ومأزور غير مأجور ولا مشكور، والطرف الذي يقابله: طرف لا يبكي، فتجف عينه ويقسو قلبه فهذا مذموم أيضاً، والطرف الثالث المتوسط: هو الذي يبكي البكاء الوارد، فيحزن قلبه، وتدمع عينه، ولا يقول إلا ما يرضي الله عز وجل، فإن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا اللسان كما قال عليه الصلاة والسلام.

قال ابن تيمية لما تعرض للكلام عن أن الفضيل بن عياض ضحك على القبر لما دفن ابنه علي، فتكلم ابن تيمية في هذه المسألة وقال: هل مقامه هو المقام المطلوب؟ أو حاله هي الحالة المطلوبة؟ يعني: أن الإنسان يضحك إذا مات ابنه أو لا؟

قال بكلام ما معناه: ورد على الفضيل واردان، وارد الخوف والبكاء والرقة لموت ابنه، ووارد الرضا والتسليم لله عز وجل، فلم يحتمل قلبه إلا وارداً واحداً، ففضل وارد الرضا فتبسم وضحك على قبر ابنه، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فكان قلبه أكبر وصدره أوسع، وهو أعلم بربه، فاحتمل الواردين الاثنين: وارد الرقة والبكاء ووارد الرضا فجمعهما في قوله: {تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا -هذا الرضا- وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون} فجمع البكاء وجمع الرضا عليه الصلاة والسلام ومقامه أشرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015