أما حسن أدبه، وكمال خلقه، فكان من أحلم الناس، صدره كالبحر، أتاه رجل في الحرم فسبه أمام الناس فتبسم ابن عباس، وقال للرجل: كيف تسبني وفي ثلاث خصال، قال الناس لـ ابن عباس ما هي الثلاث الخصال يا ابن عباس! قال: [[والله الذي لا إله إلا هو ما نزل قطر في بلاد المسلمين إلا فرحت به، وليس لي فيه ناقة ولا جمل]] انظر محبة الخير للناس، وبعض الناس الآن يكره إذا رأى جاره أو أخاه رزقه الله مالاً أو عقاراً أو ولداً، فهذا من أحقد الناس وأحسد الناس وفيه شبه من اليهود في قلبه، وقد وجد في بعض المجتمعات -والله- أن أحدهم إذا رزق بوظيفة، أو بنى عمارة فكأنها على قلبه ما كأنها على الأرض، قال ابن عباس: [[أما أنا فما سمعت بقطر نزل في أرض إلا فرحت به، وليس لي فيه جمل ولا ناقة، قال: ولا فهمت آية من كتاب الله إلا وددت أن الناس يعرفون منها ما أعرف، ولا سمعت بقاضٍ عادل إلا دعوت الله له وليس لي عنده دعوى]] فدعا الناس ل ابن عباس بالخير، وهذا ما يسمى صفو النفس وكمالها حتى تبلغ إلى الدرجة القصوى.
ولذلك فقد شهد صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة ثلاث مرات أنه من أهل الجنة، فنام معه صحابي ورأى صلاته فلم يجد كثرة صلاة في الليل، ولا كثرة ذكر قال: مالك؟ قال: هو ما رأيت غير أني أبيت وليس في قلبي غل على أحد، فرحم الله ابن عباس رحمة الأبرار.