أبو محذورة كان غلاماً وفي مسند أحمد أنه خرج يرعى الغنم، فسمع مؤذن الرسول عليه الصلاة والسلام، وأبو محذورة كان مشركاً آنذاك، خرج في ضاحية ضواحي مكة آنذاك، ووراء الجبل كان الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة، فسمع أبو محذورة بلالاً فأذن استهزاءً، فقال صلى الله عليه وسلم: {عليّ بأولئك الأطفال} فذهب الزبير وأحد الصحابة وأحضروهم، فلما حضر، قال: من أذن منكم آنفاً، فسكتوا، قال: أذن، فأذنوا، حتى وصل الأذان والنداء إلى أبي محذورة، فإذا نداؤه عجيب وصوته غريب، فدعا له صلى الله عليه وسلم بالهداية، فقال أبو محذورة: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه قال أهل العلم: لم يحلق أبو محذورة بعدها رأسه، حتى وصل شعره إلى قفاه ونزل على ظهره؛ لأن البركة في تلك اليد يوم مست ذاك الرأس، وكان صوته جميلاً، حتى يقول المكي:
أما ورب الكعبة المعمورة وما تلا محمد من سورة
والنغمات من أبي محذورة لأفعلن فعلةً مشكورة
ويقولون في النظم الفقهي:
أذن ترسل وأقم محدورة فعل بلال وأبي محذورة
أصبح مؤذناً وهو طفل في العاشرة أو ما يقاربها، وأصبح مباركاً، وبقي في الأذان كما عند بعض العلماء ثمانين سنة، وهو يرفع نداء الحق، ويدعو الناس إلى بيت الله عز وجل: عمر مديد طيب وطاهر.