أسامة بن زيد عمره ثماني عشرة سنة ويعطيه صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش بعد وفاته، وفي الجيش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، من يستطيع أن يكون قائد جيش وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، أساطين التاريخ وعلماء الدنيا وعظماء المعمورة، وأسامة القائد؟ فلما تولى القيادة ذهب أبو بكر يشيعه، فأراد أسامة أن ينزل من على الفرس فأخذ أبو بكر بمجامع ثوبه وقال: [[والله لا تنزل ووالله لا أركب، وما علي أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله]] عجيب! كأن أبا بكر ما غبر قدمه، كأنه أول ساعة فقط، وهو من يوم أسلم وقدمه مغبرة في سبيل الله، ودمه ودموعه ووقته وماله وكل لحظة من حياته في سبيل الله، فهل غبرنا أقدامنا؟ وهل قدمنا مثل جزء جزء من أجزاء ما قدم أبو بكر الصديق؟ والشاهد أسامة، هذا الطفل الكبير، كبير في الحقيقة، يسوس أمة وعلماء وصحابة، يقدم نفسه في سبيل الله، ويقود الجيش وهو في الثامنة عشرة من عمره.