العنصر الخامس وهو الأخير: الأطفال الكبار:
أطفال نعيش معهم في التاريخ لكنهم كبار، كبار في إيمانهم، وكبار في مقاصدهم، وفي منهجهم وحياتهم، يعيشون بأجسام أطفال لكنهم كبار في معتقداتهم وطموحاتهم ومقاصدهم، واليوم عندنا كبار في السن لكنهم أطفال في نواياهم، ولعلي عرضت هذا كثيراً وكررته ولكن معذرة إلى ربكم، يلقى أحياناً في بعض الجرائد والمجلات مقابله مع الأطفال، فيقول الطفل: هوايته المراسلة، متى كان أحفاد أسامة ومعاذ وأبي هوايتهم المراسلة، متى كانت هوايتهم جمع الطوابع؟! متى كانت هوايتهم صيد الحمام ومطاردة الدجاج؟!
ما كانت هوايتهم إلا رفع لا إله إلا الله، وتقديم أرواحهم في سبيل الله، فأصبح العالم منكوساً بالتربية الضحلة السخيفة، ومغن آخر شب على جمع الطوابع والمراسلة، فلما أصبح في الأربعين ألقوا معه مقابلة، قالوا: كيف شققت طريقك في الحياة؟
يقول رجل مثله، قال: بدأت من الصفر، هذا المغني بدأ من الصفر وهو ينزل تحت الصفر، قال: وصابرت واحتسبت وثابرت حتى وصلت إلى هذا المستوى، مستوى والله لا تحمد ولا تشكر عليه، والموت خير منه، ولا يحسد عليه الإنسان.
ولو أني بليت بهاشمي خئولته بنو عبد المدان
لهان عليّ ما ألقى ولكن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني
فاللهم لا شماتة!
فالمغنون ما زالوا في دائرة الإسلام ما لم يكفروا بمكفر، ولكنهم مخطئون مذنبون وما زلنا ندعوهم، ونناديهم ونهتف بهم أن يعودوا إلى المسجد والقرآن والرسالة الخالدة، وإلى الدرس والمحاضرة؛ لأنهم أبناؤنا وإخواننا، فانظروا إلى ابن عباس في ليلة ميمونة -وقد مر معنا -يحفظ الحديث ويصلي، ويقدم الوضوء، ويحرص على الأذكار وهو في العاشرة أو دون ذلك، من يفعل من أطفالنا ذلك، إلا من رحم ربك.