ثم قال البخاري رحمه الله تعالى: باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، التقدير في الكلام محذوف، معناه تقبيل الوالد لولده ومعانقته، وقال ثابت عن أنس: {أخذ النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه}.
أولاً: رحمة الولد ومعانقته وتقبيله، الرسول عليه الصلاة والسلام رحمة كما قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] ومن رحمته عليه الصلاة والسلام أنه كان يقبل الأطفال ويعانقهم ويمازحهم ويحملهم؛ لأن جبابرة العرب لم يكونوا يستصحبون الأطفال في مجالسهم، ولا كانوا يحملون الجواري على أكتافهم، بل كانوا يقتلون الجواري، فلما أتى الرسول عليه الصلاة والسلام بين لهم أن من الرحمة رحمة الأطفال، ولذلك من حقوق أهلك عليك وأطفالك عليك أن يكون لهم سعة من يومك وليلك ووقتك، تعانقهم، وتقبلهم، وتداعبهم، وتمازحهم؛ لأنهم يشتاقون لدخولك والجلوس معك.
وهذا ما يفعله صلى الله عليه وسلم، حتى لا يعتذر أحدٌ أنه مشغول بوظيفته وعمله، فو الله لا يبلغ عشر معشار أعمال المصطفى عليه الصلاة والسلام، وأمور الأمة تدار على كتفه: الجهاد الإدارة السياسة الإفتاء التعليم الخطابة تربية الناس إعطاؤهم وهدايتهم ودعوتهم هداية الناس، كلها على كتف المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك وجد وقتاً يأخذ فيه الأطفال ويداعبهم.
فإذا كان على الدابة حمل هذا أمامه وهذا خلفه، وإذا جلس في المجلس وأتت المرأة تستفتيه، أخذ صلى الله عليه وسلم ابنها وقبله ومازحه وعانقه، فليعرف هذا، وليعلم هذا، وسوف يأتي بسط هذا.