وفي هذا الحديث السؤال عن الأحوال: سؤال المسلم عن أحوال إخوانه وخاصة الجيران، فإن بعض الناس يمرض جاره ويشفى مرات كثيرة ولا يدري، وبعد أيام عديدة يقول: أخبرنا آل فلان أنكم مرضتم فشفاكم الله.
فهذا عذر أقبح من ذنب، فإن المسلم لابد أن يتفقد أحوال جيرانه، والذي يخبرك هو المسجد، فيخبرك أن الناس سافروا، أو وجدوا، أو ماتوا، أو حضروا، أو مرضوا، فمن صلى معنا تفقدناه، ومن كان مفقوداً دائماً فلا أصل له، ليس موجوداً في كتابنا ولا في مخطوطاتنا، فهو ليس له أصل.
لكن الذي دائماً يحفظ الصف الخامس أو الصف الأول، فهذا معروفٌ عند الناس، عند الإمام والمؤذن، وعند الإخوان والجماعة، إذا غاب نسأل: أين ذهب فلان؟ ليست عادته أن يغيب فيعرف أهل الحي أنه سافر، فلذلك ينبغي أن نحافظ على هذه الصلوات، وأن نسأل الناس عن أحوالهم.
ولكن إذا سُئل المريض عن حاله فليكن بحكمة، لا تأتي إلى مريض متعب ومرهف وسئم، فتلقي عند رأسه محاضرة، حتى يتمنى أنه ما رآك فيزيد مرضه مرضاً، فمن الناس من يأتي إلى المريض فيقول: والله سمعنا أن هذا المرض مات منه فلان وفلان، وكان هذا المرض مرض جدتي يوم نقلت إلى المستشفى التخصصي وماتت بعده، وهو مرض خالتي الذي ما أخذت بعده العافية والحمد لله، يقولون: هذا من التشاؤم في الزيارة.
قالوا: فإن كنت وجدته قريباً من العافية؛ فقربه، وقل: لا بأس عليك، لم أظن أن حالك حسنة كذا، ما شاء الله تبارك الله؛ لأن الوهم يزيد المريض مرضاً، ورفع معنويات المريض أمرٌ حسن، وفيه قصص وأعاجيب ذكرها ابن الجوزي وغيره من أهل العلم.
وكذلك إذا رأيت أنه اقترب من الموت، فذكره بلقاء الله، وحسَّن ظنه بالله، وقل: ما شاء الله! ما أسعد من يقدم على رب كريم! وأنت من الأخيار إن شاء الله، ومواظب على الصلوات ومن الصالحين، أما أن تأتي وهو في سكرات الموت وتقول: يا فلان! ماذا فعلت في بيتك؟ وهل بعت سيارتك في المعرض؟ وماذا فعل الأبناء في الدراسة؟ وهو يتشهد ويقول: بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى.
فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى