المبادرة إلى الطاعة

تقول عائشة: {كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع الأذان أو النداء قام إلى الصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه} يقطع أعماله وأشغاله ويقوم إلى الصلاة وذكر الذهبي عن عامر بن عبد الله بن الزبير أحد الصالحين الأخيار، يقول: أُذِّن لصلاة المغرب وهو في سكرات الموت - حضره الموت وأصبح في آخر ساعة من ساعات الدنيا - فقال: احملوني إلى المسجد، قالوا: إن الله عذرك وسامحك وعفا عنك، قال: والله لا أسمع: (الله أكبر الله أكبر) ثم أبقى على فراشي! فحملوه وهو في سكرات الموت، فصلى وهو معتمد على رَجُلَين، ثم توفي وقبض الله روحه وهو في السجدة الأخيرة، فلما أخبروا أهله بذلك قالت زوجته: والله لقد علمتُ أن الله سوف يتوفاه ساجداً؛ لأنه كان يقول كلما أصبح: اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، فرزقه الله الوفاة وهو ساجد.

وذكر ابن الجوزي في صفوة الصفوة: أن أحد الصالحين كان يشتغل نجاراً وكان النجار في عهد السلف الصالح أتقى لله منا ونحن طلبة علم، ونسمي أنفسنا طلبة علم وواجهة للمجتمع، كان البائع التاجر أتقى لله في عهد السلف الصالح، منا فكانوا كلهم أخياراً إلا ما شذ منهم، حتى إن عمر رضي الله عنه عيَّنه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه قاضياً، قال: فبقيتُ سنة في المدينة لم يأتني متخاصمان؛ لأنهم عرفوا الحق.

يقول ابن الجوزي: أتى أحد النجارين لينجر، فكان إذا رفع المطرقة يضرب بها المسمار وسمع: (الله أكبر) لا يردها ثانية؛ بل يلقيها ويطرحها وراء ظهره ويقوم إلى الصلاة.

ولا يُعرف إيمانُ المؤمن إلا من استعداده للصلاة وقيامه إليها.

إخواني في الله: يومُنا هذا أو غيره من الأيام يسدَّد فيه الإنسان بسبب حضوره لصلاة الفجر، واسأل نفسك وأنت جالس الآن إن كنت صليت الفجر في جماعة فأنت في ذمة الله وفي حفظه ورعايته؛ فقد جاء في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فمن طلبة من ذمته فقد أدركه، ومن أدركه أهلكه}

لماذا امتلأت السجون من الشباب الذين يتعاطون المخدرات؟! لماذا امتلأت السجون من الشباب الذين زاولوا الزنا والمخالفات والشذوذ الجنسي؟! لماذا هتكت المحرمات؟!

كل ذلك بسبب تركنا للصلوات؛ حتى يقول العلماء: إن من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة لا يصاب بكبيرة بإذن الله، فلا يقترف كبيرة ولا يمكن أن تتعرض له كبيرة من كبائر الذنوب.

يقول أحدهم: كنت حارساً في سجن في الشمال، فدخل علي في سبع سنوات ما لا أحصي من المسجونين من أهل المعاصي، فكنت أسألهم بعد صلاة العشاء وأقول: أسألكم بالله! أصليتم العشاء اليوم في جماعة؟ قالوا: لا.

فابتلاهم الله بالفواحش والمنكرات والكبائر، فضُرِبَت ظهورُهم، وسُجِنُوا، وذَهَبَت عقولُهم بالمخدرات بسبب تركهم للصلوات.

فالله الله -يا شباب الإسلام- في الصلوات الخمس، التي لما تركناها رأينا كثيراً من الأجيال قد انحرفت عن منهج الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ورأينا البيوت مهدمة على أعقابها، والتربية السيئة، والعصيان من الولد لوالده، يقول الله عز وجل في حديث قدسي: {أبي تغترون، أم عليَّ تجترئون؟! فبي حلفت لأنزلن عليكم فتنة تجعل الحليم حيران} ولكن الله يرحمنا بسبب الشيوخ الذين يركعون ويسجدون، وبسبب الأطفال البرآء الذين لا ذنب لهم، أما نحن فنسأل الله العافية!

ورد في الحديث القدسي أن الله يقول: {لولا الشيوخ الرُّكَّع، والأطفال الرُّضَّع، والبهائم الرُّتَّع لخسفت بكم الأرض خسفاً}.

زلزلت المدينة في عهد عمر رضي الله عنه وأرضاه، وأصابها زلزال سهل ليس بكبير حتى تساقطت بعض الجدران وبعض البيوت، فجمع عمر الناس في المسجد، فلما اجتمعوا رجالاً ونساءً وأطفالاً، بكى رضي الله عنه عنه وأرضاه ثم قال: [[والذي نفسي بيده! إن وقع الزلزال مرة ثانية في المدينة لا أجاوركم فيها أبداً، وليكونن آخر العهد بي.

قالوا: فما علاقتنا يا أمير المؤمنين بالزلزال؟ قال: أنتم الذين أوقعوا الزلزال، فما وقع إلا بذنوبكم.

فبكى المسجد حتى ضج بالبكاء وقالوا: تبنا إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى]].

فلم تقع المصائب التي وقعت في الأمة إلا بسبب ذنوبنا وإعراضنا عن الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015