الهدهد يحمل هم الدعوة

وليستح الإنسان أن يكون الهدهد أعز منه جانباً وأقوى همة وأكثر حماساً لدين الله، هدهد يطير من اليمن من سبأ ويقع إلى أرض كنعان أو إلى فلسطين في كلام بعض أهل العلم، فيتأخر على سليمان، ويريد سليمان أن يأخذ منه ضريبة التأخر، فيجيب: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ} [النمل:22] ولكن اللافت للنظر أنه يقول عن المرأة تلك: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} [النمل:24].

هدهد نقم عليهم عملهم الخاطئ الوثني وأتى يخبرهم بعقيدة التوحيد لا إله إلا الله، ثم قال: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل:25] وانظر إليه كيف التفت إلى الخبء! لأنه هدهد ورزقه دائماً يخبئه، وأعظم معجزة عند الهدهد تخبئة الرزق، فمن يكشف رزقه إلا الله!

فأشار أي: بلسان الوحدانية، وبفم الصمدانية إلى رب السماوات والأرض، ثم أخبر أن هذه العقيدة بائرة خاسرة لا تصلح، وأن الأحسن منها عقيدة التوحيد، أما أدى دوره؟! أما حمل أمانة الكلمة؟! أما قام بها؟!

والله إن منا من هم أبخس حظاً من الهدهد، وأقل حماساً وغيرة، يرون المنكرات والمخالفات والتعديات، ثم لا يغضبون ولا تتمعر وجوههم، ولا يشاركون ولا يؤثرون ولا يتحمسون، فأنى لهم النجاة؟!

كيف ينجون من غضب الله عز وجل والله يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة:143]؟!

أمانة الكلمة أمانة الميثاق: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015