وانظر إلى عمر وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، مطعون سرى دمه في الأرض، باع الدنيا وترك الخلافة وانتهى، وأسلم روحه إلى الله، ولكن همه في الدعوة ما زال قائماً، يأتيه غلام يجر قميصه أمامه، فقال: [[يا بن أخي! تعال، ارفع إزارك؛ فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك]] فلله دره! أي هم هذا الهم في وقت ينسى الإنسان فيه أخاه وأخته، وأباه وأمه، وابنه وأهله، وكيانه وجيرانه، وإخوانه وخلانه؟! ومع ذلك يأمر في مسألة نظنها نحن جزئية، أية حياة لمن لم يشتغل بهذا الدين؟! أي نفع له؟! وأية خارطة يشكلها؟!
أنا لست مهتماً بأصل قبيلتي ورائي قريش أو ورائي تغلبُ
فليست بلادي بيرقاً أو خريطةً ولكن بلادي حيث أسطيع أكتبُ
فلتؤثر ولتنشر ولتأمر ولتنه، وإلا فتوقع الغضب المقيت، الحال المحتوم من الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:159 - 160].