واعلموا -أيها الأحبة- أن تارك الصلاة كافر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل نسأل الله العافية، لا يصدَّق ولا يصاحَب، ولا يؤاكل ولا يشارب، ولا يؤتمن، ولا يستشهد، بل زد على ذلك أن ابن تيمية يقول: "من ترك العشر -الركعات التي هي السنن الرواتب، التي هي قبل الصلاة وبعدها- فهو فاسق ترد شهادته" والعشر الركعات: ركعتان بعد الظهر، وركعتان قبله، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
يقول: من داوم على ترك هذه العشر الركعات النوافل التي جعلها صلى الله عليه وسلم سنناً راتبة، فهو فاسق ترد شهادته، نسأل الله العافية.
فليت ابن تيمية علم أن منا من يترك الصلاة، وأن منا من يتهاون بالصلاة، وأن منا من يدخل عليه الوقت ويخرج وهو ما اهتم بالصلاة، ولا انضبط مع أمر الله عز وجل، مسلم يسمع الله أكبر، ولا يقوم ويتحرك ويتوضأ، أي مسلم هذا؟! يقول الله في المنافقين: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء:142] فإذا أردت أن تعرف المنافق، لا تعرفه بشكله أنه أحمر أو أسود أو أصفر، ولا بلونه، ولا بعضلاته، بل تعرفه بموقفه من الصلاة، إذا أذن المؤذن، ثم تكاسل وتهاون؛ فاعلم أن فيه نفاقاً، تقول عائشة: {كان صلى الله عليه وسلم إذا سمع الأذان أو النداء للصلاة، قام إلى الصلاة كأننا لا نعرفه ولا يعرفنا} يقطع أعماله وأشغاله صلى الله عليه وسلم ويقوم إلى الصلاة.
حتى إن الذهبي يذكر عن عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير أحد الصالحين الأخيار، يقول: أُذن لصلاة المغرب وهو في سكرات الموت، حضره الموت، وأصبح في آخر ساعة من ساعات الدنيا قال: احملوني إلى المسجد.
قالوا: إن الله عذرك وسامحك وعفا عنك، وأنت في سكرات الموت.
قال: والله لا أسمع الله أكبر الله أكبر ثم أبقى على فراشي، فحملوه وهو في سكرات الموت، فصلى وهو معتمد على رجلين، ثم توفي وقبض الله روحه وهو في السجدة الأخيرة، فلما أخبروا أهله قالت زوجته: والله لقد علمت أن الله سوف يتوفاه ساجداً، لأنه كان يقول كلما أصبح: [[اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، اللهم إني أسألك الميتة الحسنة]] فرزقه الله الوفاة وهو ساجد.
وذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة، أن أحد الصالحين كان يشتغل نجاراً، حين كان النجار في عهد السلف أتقى لله منا ونحن طلبة علم الآن، كان الخياط في عهد السلف الصالح أتقى لله منا ونحن طلبة علم، ونسمي أنفسنا طلبة علم وواجهة للمجتمع، كان البائع التاجر أتقى لله في عهد السلف، كانوا كلهم أخياراً إلا ما شذ منهم، حتى إن عمر عينه أبو بكر رضي الله عنه قاضياً، قال: [[فبقيت سنه في المدينة ما أتاني خصم أبداً]].
بقي سنة ما أتاه خصم؛ لأنهم عرفوا الحق.
ولذلك قال ابن الجوزي: أتى أحد النجارين كان يعمل، فكان إذا رفع المطرقة يضرب بها المسمار وسمع الله أكبر لا يردها ثانية، يلقيها ويطرحها وراء ظهره ويقوم إلى الصلاة.
واعرف إيمان المؤمن من قيامه للصلاة ومن استعداده لهذه الصلوات.
إخواني في الله: يومنا هذا أو غيره من الأيام، يسدد فيه الإنسان بسبب حضوره لصلاة الفجر، واسأل نفسك وأنت جالس الآن، إن كنت صليت صلاة الفجر في جماعة؛ فأنت في ذمة الله وفي حفظه وفي رعايته، ففي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من صلى الفجر في جماعة؛ فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإن من طلبه أدركه، ومن أدركه كبع على وجهه في النار}.
لماذا امتلأت السجون من الشباب الذين يتعاطون المخدرات؟ لماذا امتلأت السجون من الشباب الذين زاولوا الزنا والمخالفات والشذوذ الجنسي؟ لماذا هتكت المحرمات؟ بسبب تركنا للصلوات، حتى يقول العلماء: إن من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة؛ لا يصاب بكبيرة بإذن الله -لا يقترف كبيرة بإذن الله- ولا يمكن أن تتعرض له كبيرة من كبائر الذنوب.
يقول أحد الناس: كنت حارساً في سجن في الشمال في القرن الرابع، فدخل عليَّ في سبع سنوات ما لا أحصي ولا أعد من المسجونين من أهل المعاصي، فكنت أسألهم بعد صلاة العشاء، وكانوا يأتون بهم بعد صلاة العشاء، قلت: أسألكم بالله! أصليتم العشاء اليوم في جماعة؟ قالوا: لا.
فابتلاهم الله بالفواحش وبالمنكرات والكبائر، فضربت ظهورهم وسجنوا، وذهبت عقولهم بالمخدرات بسبب تركهم للصلوات.
فالله الله -يا شباب الإسلام- في الصلوات الخمس! الصلوات الخمس التي لمَّا تركناها رأيت كثيراً من الأجيال المنحرفة عن منهج الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ورأيت البيوت المهدمة على أعقابها، ورأيت التربية السيئة، ورأيت العصيان من الولد للوالد، يقول الله عز وجل في حديث قدسي: {أبي تغترون أم عليَّ تجترئون! فبي حلفت لأنزلن فتنة تدع الحليم حيران}.