إن ما يصاب به الناس في أملاكهم وأنفسهم ودورهم وأعراضهم إنما هو ابتلاء من الله عز وجل، وله أسباب ومسببات، وإن من أعظم الأسباب ومن أجلها: الذنوب والخطايا والمعاصي التي يفعلها البشر, وفي الأثر: {من لم يعرفني سلطت عليه من لا يعرفه}.
من لا يعرف الله في المسجد، ولا يعرف القرآن والاتصال به والخلود والسكون إليه، والرضا بحكمه والتحاكم إلى شريعته، وأكل الحلال؛ سلّط الله عليه زنديقاً فاجراً بعثياً علمانياً لا يعرف الله, وهذه سنة من سنن الله في الكون؛ قال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة:251] وقال: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:43].
لو أنهم يوم سمعوا ببأسنا وتدميرنا وأخذنا العصاة بالعصاة تضرعوا إلى الله وعادوا، وأكثروا من التوبة والاستغفار، ولكن هيهات!
في الأثر يقول بعض السلف ولا يصح حديثاً: [[من لم يتعظ بالقرآن والموت، فلو تناطحت جبال الدنيا بين عينيه ما اتعظ]] بعض الناس استمرأ الخطيئة، وشرب المعصية، وأحب الفاحشة، يسمع دكدكة الصواريخ ولا يتوب, ويرى منزله ينسف من على وجه الأرض ولا يستغفر, ويرى عرضه ينتهك وأطفاله يذبحون ولا يعود إلى الله, قال تعالى: {وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:43] والتزيين فعلته الأمة الإسلامية في هذا العصر، وزين لكثير من شعوبها الخطأ ورضيت به, فمعظم العالم الإسلامي لا يحكم بشريعة الله, إنما يتحاكم إلى القانون، ويقولون دول إسلامية! ولكن شريعتهم التي يتحاكمون إليها هي قانون نابليون بونابرت، وشرائع حمورابي، ومخططات هتلر , قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50]
كثير من العالم الإسلامي الآن استمرأ الربا فلا ينكره أبداً, يأكله ويشربه ويلبسه، وأصبح أمراً اعتيادياً؛ بل انبرى بعض الدكاترة الذين أضل الله قلوبهم، فبرروا وجود الربا في المجتمع المسلم.
يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن الذنوب وعن آثارها التي تقع في مجتمعات الناس: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] قال بعض العلماء: "ما ظهر فساد في الهواء ولا ركود في الماء ولا اختلاف في الناس؛ إلا بسبب الذنوب" قال ابن المبارك:
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع