ومن أسباب الغفلة: أن بعضهم قد يلعب، أو يغني، أو يرقص، أو يعرض أربع أو خمس ساعات، لكن إذا صلى التراويح فطول الإمام قليلاً شكا وبكى، وناح وصاح، وأتى بالأحاديث، خفف، يا أيها الإمام! من شق على أمة محمد شق الله عليه, وإن لجسمك عليك حقاً، والدين يسر، والقصد القصد، وإن منكم لفتانين، ونحو هذا.
على كل حال: هذه من علامة الغفلة، ونحن لا نأمر الناس بالإطالة على الناس بالعبادة، لكن الحكم بيننا جميعاً السنة.
قال عمار بن ياسر: {أرسلني صلى الله عليه وسلم إلى قوم من الأعراب في ضواحي المدينة، فأتيت، فإذا هم ليس لهم همٌّ إلا الإبل، فجمعتهم لأعلمهم كتاب الله -أي: يجمع الأعراب الذين عندهم إبل وغنم ليقرئهم الفاتحة- قال: فأتيت، فإذا قوم كالمجانين، نفروا إلى إبلهم لا يريدون، فعدت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فأخبرته، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له}.
ولذلك تجد بعض الناس فيه غفلة عجيبة، لا يزيد من فقهه وفهمه في الدين، ولا من سؤاله، ولا من ذكره وصلاحه، ويعيش في غفلة وسبات عميق لا يعلمه إلا الله.
ولذلك فمن أسباب الغفلة: سكن البوادي، ونحن لا نقول لأهل البوادي: تعالوا، انقلوا من البوادي إلى المدن، لا.
لكن نقول لهم: اعتنوا بدينكم وانتبهوا.
ومنها: القرى فهي من أسباب الغفلة، قال في حديث ثوبان، وفي سنده نظر، أورده البخاري في كتاب الأدب المفرد، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {يا ثوبان! لا تسكن الكفور، فساكن الكفور كساكن القبور} أي: لا تسكن القرى.
بعض القرى تمر عليها سنة لا تسمع فيها درساً ولا محاضرة، فهي من أسباب الغفلة التي ما بعدها غفلة.
قال ابن تيمية: " هؤلاء يفهمون مجمل الدين، ولا يفهمون تفصيل الدين ".
لأن الدين يحتاج منك كل يوم أن تفهم معلومة أو آية أو حديثاً، أما أن تعيش ستين سنة، وأنت على دينك الأول، فلا يصح، فأنت لا ترضى في الدنيا أن تعيش في بيت واحد هذه الفترة، أو ترضى بسيارة واحدة، أو بثوب واحد، كل يوم تجدد إلا الدين.
قال رجل لـ أبي هريرة: [[أريد أن أطلب العلم، لكن أخاف أن أنساه، قال أبو هريرة: كفى بتركك طلب العلم إضاعة]].
يقول: الآن ضيعت العلم عندما خفت أن تنسى العلم.
ومن أسباب الغفلة: عدم الحرص على طلب العلم:
كان المجرمون يقولون: الإنسان إذا بلغ كذا وكذا لا يطلب العلم.
أبو بكر طلب العلم وهو شيخ في الأربعين، وعمر طلب العلم وهو كبير، وعثمان طلب العلم وهو كبير، وأصبحوا من العلماء في الدنيا.
قال البخاري: " وتعلم أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام في الكبر ".
ولذلك يطلب من الإنسان أن يتعلم ولو كان في الثمانين ويطلب ويتفقه ويجالس أهل العلم، وطلبة العلم، عل الله أن يفتح عليه.
قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} [الزمر:9] {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:114] {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43].