وقبل أن آتي إلى العلم الدخيل, وأذكر أقسامه، أذكر ما يدل عليه العلم الأصيل؛ قال أهل العلم مثل: ابن رجب والذهبي، العلم الأصيل يدل على أمور تجتمع في أربعة؛ فإذا لم يدلك العلم عليها، فاعلم من أول الطريق أنه غير نافع.
أولها: على معرفة الله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، فهذا أول ما يدل عليه العلم النافع.
إذا ما لم يفدك العلم شيئاً فليتك ثم ليتك ما علمتا
فتقوى الله رأس الأمر حقاً وليس بأن يقال لقد رأستا
فالعلم النافع: هو الذي يدلك على معرفة الحي القيوم، ليس كمعرفة اليهود والنصارى، الذي يعرف الله ويسكر في الليل، فهذا عرف الله كما يعرف الكلب أن له رباً، وهذه معرفة لا تنفع، إنما العلم الخشية، وإنما يخشى الله من عباده العلماء.
الأمر الثاني: المعرفة بما يحبه الله ويرضاه وهي ثلاثة أقسام:
ففي العقائد: عقيدة أهل السنة والجماعة، وفي الظاهر: الحلال والحرام، وفي الباطن: اعتقاد القلب بالصفات الجميلة، والردع والتخلي عن الصفات الذميمة، هذا هو العلم النافع الذي يدل على ما يحبه الله ويرضاه، ويحصل هذا بالتفقه في الدين.
والأمر الثالث: الذي يدل عليه العلم النافع، دعوة الناس إلى هذا العلم.
علامة العلم النافع أن تحرص على نشره بين الناس, وتحرص على تبليغه، فلا تكتمه ولا تحجر عليه، لا تتعلم وتثقل على نفسك، فإن معنى ذلك أنك تميت العلم في نفسك.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:159 - 160].
الأمر الرابع: الزهد في ما لا يقرب من الله الحي القيوم.
علامة العلم النافع: الزهد في الدنيا، فازهد في غير كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.