تعال الآن إلى العلم الدخيل نستقرئه من كتاب الله عز وجل، يقول عز من قائل: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة:78].
هذه حكاية عن بني إسرائيل, وعن كل من شابه بني إسرائيل، ومنهم أميون: أي: لا يكتبون ولا يقرءون, لا يعلمون الكتاب إلا أماني، الأماني التلاوة, أي: لا يعرفون من كتبهم إلا التلاوة، فلا فهم ولا استنباط ولا فقه، ولا خشية ولا عمل، فهم يمرون عليه مر السحاب، قال الشاعر في عثمان بن عفان:
تمنى كتاب الله أول ليله وآخره لاقى حمام المقادر
كما يقول ابن جرير مستشهداً بهذا البيت، ومعناه تلا كتاب الله أول الليل، واستشهد في آخره، قال ابن عباس: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون، قال: أماني: يكذبون كذباً، وقال مجاهد والضحاك: زوراً وبهتاناً، وقال ابن جرير: الأشبه بالآية أن معناها أن منهم من لا يعرف من القرآن إلا ما يكذب به على الناس، أو يقول به زوراً وبهتاناً، والأشبه كذلك بالآية أن منهم أميين لا يعلمون الكتاب إلا أماني, أي: ليس عندهم إلا تلاوة بلا تدبر ولا فقه ولا فهم، {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة:78] أي: يتخيلون ويوسوسون.
قال عز وجل: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة:102].
وهذا علم السحر ونعوذ بالله من علم السحر، فمن العلوم الدخيلة علم السحر، من علم أو تعلم، أو حرص على علم شيء منه؛ فقد أحبط الله عمله، وهو من الكبائر عند جمهور أهل العلم، وحد الساحر ضربة بالسيف كما ورد، فذكر الله العلم الدخيل, بعدما ذكر السحر، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم.