وعبد الملك بن مروان المؤسس الحقيقي أو المؤسس الثاني للدولة الأموية حضرته سكرات الموت وأخذ يصارع الموت فتذكر طريق الجنة، ولكن متى؟ في الوقت الضائع، هو مؤمن إن شاء الله، هو مسلم لكن ينبغي على من يكون مثله أن يكون أحسن وأرقى، ليس كفرعون، فرعون تذكر الله في الوقت الضائع، حتى دس في التراب وسحق في الطين وأخذ ينقنق كالضفدع ويقول: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90] الآن أنت من المسلمين أيها المجرم؟! في الطين أصبحت مؤمناً موحداً؟ لا.
آلآن، بعد صحائفك السوداء وتاريخك الأغبر؟ والله لا تنجو، أنت من أهل النار، لكن عبد الملك كان يترقب منه أن يكون أحسن وأحسن، قال الذهبي في ترجمته: لما تولى الخلافة في أول يوم فتح المصحف وقرأ فيه قليلاً ثم أطبقه، وقال: هذا آخر العهد بك.
قال الذهبي: اللهم لا تمكر بنا، فلما حضرته سكرات الموت سمع غسالاً يغسل بوادٍ، والمؤمن قد يكون غسالاً ولكنه لا يكون عبداً ولا رقيقاً إلا لله، وبعض الناس قد يكون سلطاناً ولكنه رقيق وعبد وخادم لبطنه وفرجه وحذائه ووظيفته، وكان الغسال يترنم بقصيدة، فقال عبد الملك وهو في سكرات الموت: يا ليتني كنت غسالاً، يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني ما توليت الخلافة، سمع سعيد بن المسيب هذه الكلمة ثم قال: الحمد لله الذي جعلهم يفرون وقت الموت إلينا ولا نفر إليهم؛ لأن من عرف طريق الجنة من أول طريقه لا يندم في سكرات الموت.