قال: {خَرَّا على وجوههما} في هذا الحديث دروس، منها:
الأول: أن الساعة تأتي فجأة: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب:63] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} [الأحزاب:63]
فائدة: إذا قال الله في القرآن: {وَمَا أَدْرَاكَ} فسوف يُخْبِرُه بعدُ، وإذا قال: {وَمَا يُدْرِيْكَ} فلن يخبره.
فإذا قال: {وَمَا أَدْرَاكَ}: فسوف يخبره، مثل: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:1 - 3] فأخبره بقوله: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ} [القارعة:4].
وإذا قال: {وَمَا يُدْرِيْكَ}: فلن يخبره، مثل: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} [الأحزاب:63].
قال جبريل: {يا رسول الله! متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل} يقول: أنا وأنت سواء، أنا لا أدري، وأنت لا تدري، تسألني وأنا لا أدري؟! لا يدري بها إلا الله، فقد استأثر بعلمها، ولم يخبر مَلَكَاً ولا نبياً ولا رسولاً ولا إنساناًَ ولم يُؤْتَ أحدٌ علمها حتى يُبْعَث الناسُ مباشرة.
فنحن ننتظرها، ونسأل الله ألا يجعل أجورنا ذاهبة في الدنيا، ولا يجعل متاعنا ما قَدَّم لنا هنا، بل يجعل راحتنا وأنسنا هنا وهناك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء:101 - 102].
أيها الإخوة، هذه الحلقة الأولى من سلسلة: دستور الصحوة الإسلامية، أسير معكم في رحلة ممتعة مع محمد عليه الصلاة والسلام يتكلم لنا في شئون الحياة، والإيمان، والمعتقد، والتوحيد، ويتكلم لنا في الطهارة، والصلاة، والحج، ويتكلم لنا في البيت الإسلامي، مع الطفل، والزوجة، والأخت، ويتكلم لنا في الاقتصاد والسياسة، ويتكلم معنا في كل باب، علَّنا أن نفهم وأن نعي.
اللهم انفعنا بما نسمع، اللهم انفعنا بما نقرأ، اللهم انفعنا بما نتعلم، اللهم اجعلنا من هذا الموكب الكريم، الذي يقوده محمد عليه الصلاة والسلام.