إن هذا القرآن يخوفهم تخويفاً عظيماً, ويرون فيه مصدر العزة، لأنه قرآن عظيم, لم يجدوا فيه مدخلاً من خمسة عشر عاماً؛ لأنهم يعتبرون القرآن هو المصدر الأساسي لقوة المسلمين، وبقاؤه حياً بين أيديهم يؤدي إلى عودتهم وقوتهم وحضارتهم، يقول غلادستون: "ما دام هذا القرآن موجوداً فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق, ولا أن تكون هي نفسها في أمان كما رأينا" كما في كتاب الإسلام على مفترق الطرق صفحة (39) أمان المسلمين كتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ما دمنا نرفع القرآن والسنة فلا تخافوا ولا تخشوا أبداً.
أما الأطروحات التي يطرحها الإعلام الغربي والعربي, أو مسألة ما يبث في بعض مناهج التعليم, أو ما يدخل من الأطروحات فمكتوب عليها: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد:17].
ويقول المبشر ويليم بلقراف: "متى تولى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب؛ يمكننا -حينئذٍ- أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد صلى الله عليه وسلم وعن كتابه" يقول: إذا انقطعت صلة الإنسان بـ مكة وعن القرآن فسوف نرى العربي ينسى محمداً صلى الله عليه وسلم.
عزتنا تكمن في محمد صلى الله عليه وسلم, أبونا الروحاني -كما يقول ابن تيمية - هو محمد صلى الله عليه وسلم، أما أبونا الجثماني فهو الأب الذي ولدت من صلبه، لكن الأب الروحاني والقرآني هو محمد صلى الله عليه وسلم، ومكة صلتنا بالعمرة وبالقبلة وبالحج، وبالاتجاه إلى الله عز وجل، وإذا فصلت عنا فنحن على خطر عظيم، ولذلك أصبح كثير من الجيل؛ الذي مسخ معتقداً وأخلاقاً وسلوكاً يعتمر ويزور لندن وباريس وبانكوك , ولكن هناك الألوف المؤلفة التي اتجهت إلى الله فلله الحمد، كلام بلقراف في كتاب جذور البلاغ صفحة (201).
ويقول المبشر تاكلي: "يجب أن نستخدم القرآن وهو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه" يقول: نستخدم القرآن في ضرب القرآن, والإسلام في ضرب الإسلام، حتى يقول أحدهم: "اذبحوا الإسلام بسكين الإسلام".
وهذا ألخصه لكم:
أن ينشأ في بلاد الإسلام أناس يتكلمون لغتنا ويشربون ماءنا ويستنشقون هواءنا, ويحاربون الدعوة والعلماء والدعاة، وهذا وهم من أبناء جلدتنا الذين شكا منهم رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال تاكلي: "حتى نقضي عليه تماماً، يحب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديداً وأن الجديد فيه ليس صحيحاً" انظر كتاب التبشير والاستعمار صفحة (40) الطبعة الثانية.
ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر بمناسبة مرور مائة عام على احتلالها: "يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم حتى ننتصر عليهم" انظر مجلة المنار العدد (9،11) الصادرة عام (1962م) يقول: انتزعوا القرآن من صدورهم، لذلك دخل أحد المستشرقين القاهرة فوجد عالماً من علماء الأزهر، قال: سوف نمحو الإسلام من قلوبكم ومن صدوركم، قال العالم الأزهري: مكانك ثم دعا أطفالاً كانوا في الشارع, وأجلسهم أمامه وقال: اقرأ من سورة كذا فقرأ الطفل, ما يقارب عمره عشر سنوات, اقرأ من سورة كذا، ثم التفت إلى المستشرق وقال: أأطفالكم يحفظون التوراة والإنجيل؟ قال: لا، قال: لن تقضوا علينا أبداً ما دام أطفالنا يحفظون كتاب الله، جيلاً بعد جيل ورسالة بعد رسالة، ولكن على كل حال ففعلهم يظهر في العالم الإسلامي, وفعلهم يؤثر في عقيدتنا؛ إذا استمر وضعهم على هذا واستمر ضعفنا على هذا.
وأثار هذا المعنى كثير من الفرنسيين الذين احتلوا الجزائر , وقد ذكرت مجلة المنار: أن الفرنسيين أخذوا عشر فتيات أو طفلات من الجزائر فمسخوهن في مسألة الحجاب ومسألة التدين، فلما أتى الحفل الرسمي في الجزائر حضرت الفتيات متحجبات، فقالوا: ضيعنا جهدنا.
عشر سنوات يعلموهن ترك الحجاب، فلما أتى الحفل الرسمي وأخرجوهن في الشارع لبست المرأة الحجاب، ولذلك الحجاب الشرعي أصبح في دول الغرب حتى الشرقية - ألمانيا الشرقية - وصل الحجاب الشرعي إلى هناك, وهي لم تنفصل عن الاتجاه الشيوعي إلا قريباً فلله الحمد والشكر.
يقول عبد الحميد كشك أثابه الله: دخل نصراني في مصر في القاهرة فجمع أناساً من العمال والفلاحين وأخذ يفطرهم ويغديهم ويلقي فيهم محاضرات التبشيرية النصرانية: أن الله ثالث ثلاثة، يقولون إن الله ثالث ثلاثة، فاستمروا معه لأجل غدائه وعشائه ودراهمه, يوزع عليهم جنيهات، وظن أنه رسخ في أذهانهم الدين النصراني ومسخ المعتقد الإسلامي, فمر بهم أحد الدعاة المسلمين وقال: وحدوه، قالوا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فانهار كل هذا الجهد من الصباح إلى المساء في كلمة واحدة.
قيل لوزير المستعمرات الفرنسي لاكوست كما في جريدة الأيام عدد (7780) الصادرة بتاريخ (6/كانون أول/1962م) لماذا ما أثرت في الجزائر وقد مكث الاحتلال فيها (129)؟ قال: "وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا؟!.