مشروعية هجر أصحاب المعاصي

ومنها -وهو أعظم درس- هجر أهل المعاصي، يقول الحسن البصري فيما رواه ابن أبي حاتم عنه: وذكره ابن حجر في فتح الباري يقول: [[يا عجباً! هؤلاء -أي: الثلاثة- ما سفكوا دماً، ولا قطعوا طريقاً، ولا أفسدوا في الأرض، ولا نهبوا مالاً، وقد وصل لهم من الجزاء ما تعلمون، فكيف بمن ارتكب الكبائر والفواحش؟!]] يقول: هذا فقط لأنهم تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن كيف جزاء من ارتكب الفواحش والكبائر والعياذ بالله، فهجر أهل المعاصي من مذهب أهل السنة والجماعة، أما الذي أعلن بدعته فهَجْرُه مطلوبٌ؛ بل واجب، أو كالرجل الذي اشتهر عنه شهادة الزور، وهو كاذب يصرف الحقوق، ويموه على القضاة، ويخون على شرع الله، حقه أن يُهْجَر من المجتمع، ومثل مدمن المخدرات، والمدمن على سماع الغناء، والذي يخالف السنة في مظهره ومخبره فحقه أن يُهْجَر، وهجر أهل المعاصي من سنته عليه الصلاة والسلام، ويؤجر عليه العبد.

أما الهجر الدنيوي فلا يجوز إلا لثلاث ليال، لحديث أبي أيوب عند مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: {لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث -أي: ثلاث ليال في الدنيا- يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام} وأما في أمور الآخرة فيهجر العصاة حتى يؤدبوا إذا كان الهجر أنفع لهم، لكن ابن تيمية يذكر مسألة وهي: إذا كان الهجر يؤدي بهم إلى زيادة الإعراض، أو كأن الداعية نفسه ضعيفاً، أو في مجتمع ينتشر فيه المفسدون فلا يشرع الهجر لأنك عندها تصبح وحيداً مضطهداً محتقراً، وظلموك واحتقروك، ومن أراد أن يراجع هذه المسألة فليراجعها في المجلد الثامن والعشرين من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية في الحسبة وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الهجرة والجهاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015