هذا بلال منادي رسول الله، وكان جميل الصوت، وذكر بعض أهل السير -والله أعلم بذلك- أن بلالاً مات في الشام في حمص، لكنه لما سافر إلى الشام مكث هناك فترة طويلة، بعدما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم رفض أن يؤذن للناس، توفي صلى الله عليه وسلم، وقام هو يؤذن صلاة الفجر، فرفع صوته الجميل في المدينة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، فلما بلغ أشهده أن محمداً رسول الله، بكى وخنقه البكاء، فما استطاع أن يكمل الأذان فنزل؛ لأنه تصور الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتهى.
قال أبو بكر: أذن لنا يا بلال؟
قال: والله لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا ما شاء الله، ولما فتح عمر بيت المقدس، تقدم عمر رضي الله عنه وأرضاه إلى الصخرة.
رفيق صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمر
رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم وجيشك في حطين صلوا وكبروا
تقدم، قال: يا بلال! عزمت عليك أن تؤذن هذا اليوم، فرقى بلال عند بيت المقدس، وقال: الله أكبر، فانفجر الصحابة يبكون؛ لأنه ذكرهم أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، فقام بلال في الشام، وفي ليلة من الليالي رأى الرسول صلى الله عليه سلم في المنام، قال: هجرتنا يا بلال! أي: لا تزورنا حتى في المدينة، هذه الفترة لم نرك، فشد بلال جمله وذهب إلى المدينة، فوصلها ليلاً ووجد المؤذن قد تأخر تلك الليلة عن الأذان، فقام بلال يؤذن، قالوا: فما بقي بيتٌ سمع نداء بلال وصوته إلا بكى.