ذهب بلال إلى الله، ولكن بقي بلال في قلب كل مسلم من مسلمي الكرة الأرضية يعيش معه، ويتفاعل معه، ويحبه، ويتولاه، وذهب أمية بن خلف وأبو جهل والوليد بن المغيرة، ولم يبق قلب مسلم إلا يبغض هؤلاء ويلعنهم ويتبرأ منهم إلى قيام الساعة.
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن أمية بن خلف وعن أبي بكر الصديق، في قصة البيع والشراء: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [الليل:14 - 15].
هذا أمية بن خلف رفض أن يخرج يوم بدر، يقول له كفار قريش في بدر: اخرج معنا نلاقي هذا الصابئ محمداً، قال: لا.
إني رأيت محمداً دعا علينا عند الكعبة، وأخاف أن أخرج فأقتل هناك -وإذا كتب الله أن يقتل فسوف يخرج- فرفض أن يخرج وأرسل أبناءه وأرسل أجيراً له، فأتى أبو جهل إليه بمبخرة، فركب فيه البخور والجمر، وقال: يا أمية بن خلف! تجمر مثل النساء، أما القتال فلا تحضر معنا.
قال: أنا أشجع منك ومن أبيك ومن جدك، ثم أقسم أن يخرج -هذا أحرجه حتى يورده الموت- فخرج معهم، فلما أصبح في معركة بدر أي: أمية بن خلف وفر الناس وفر أمية بن خلف، فرآه بلال من آخر الوادي -هذا صاحبه الأول- فأخذ بلال يرفع السيف، ويقول للأنصار: [[أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا]] أي: صاحب الصفحات والفعائل السوداء، فلحقه الأنصار فاشتبكوا معه، فأتى عبد الرحمن بن عوف فألقى رداءه وألقى جسمه على أمية بن خلف، فاستخرج الأنصار أمية بن خلف ورفعوا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو يريد الإصلاح، فتناولوه بالسيوف فقطعوه إرباً إرباً، هذا أمية بن خلف قتل في معركة بدر، ورحل إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم.
فيقول: {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل:16] هذا هو أمية بن خلف {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل:17] هذا الصديق الأكبر أبو بكر الصديق {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل:18 - 21].
ذكر ابن ماجة لكن في سنده كلام، أن الله عز وجل أول من يلقى بعد الرسل والأنبياء في الجنة أبا بكر الصديق، والذي نعتقده أن أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه بلا خلاف.