أولاً: حملت به أمه صلى الله عليه وسلم، ثم وهو حمل مات أبوه، حكمة بالغة وقدرة نافذة، فالرسول المهيأ لقيادة البشرية يموت أبوه قبل أن يراه ويسعد به، ولا يعيش مع أبيه، مات وأمه حامل به، فلما ولدته عليه الصلاة والسلام لم يجد أباً يضمه، ولا أباً يداعبه ويمازحه ويلاعبه، بل بقي صلى الله عليه وسلم يتيماً من الأب، وتصوروا هذا الطفل الذي ينشأ بلا أب، كيف يكون به من الأسى واللوعة ما الله به عليم، ولكن لأسرارٍ أرادها الله، ولما وصل سنه السادسة ماتت أمه، فأصبح بلا أم وبلا أب، يتيماً بين أطفال مكة، كلٌ معه أبٌ وأم إلا هو عليه الصلاة والسلام، واليتيم دائماً مضطهد، دائماً يعيش الحسرة، ويتجرع الغلظة من الناس، ويعيش الأسى كله والمصائب كلها.