المسألة الرابعة: ما هي هذه المصيبة التي شكى منها موسى عليه السلام، هل يقول موسى لآدم عليه السلام: لماذا أخرجتنا من الجنة؟ وهذا قضاء وقدر أم يقول له: لماذا أكلت من الشجرة؟ وهذا قضاء وقدر، وهل موسى خفي عليه أن الله عز وجل كتب عليه أن يجعله خليفة في الأرض: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30] فقبل أن يخلقه قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30] فهو في الجنة لكن أنزله إلى الدنيا، فالله في سابق علمه قد كتب أن ينزل آدم إلى الدنيا، فكيف يأتي موسى ويقول: كيف تأكل من الشجرة؟ كيف تخرج من الجنة؟
لا.
هذا ليس بصحيح ولا وارد عند أهل السنة، وإنما الصحيح أنه عاتبه، كأنه يقول: يا أبانا سامحك الله، وغفر لك، كنا في الجنة في راحة، وكنا في نعيم ثم أنزلتنا إلى الدنيا، فهو لا يلومه على الأكل من الشجرة؛ لأن الله كتبه عليه، ولا يلومه على الذنب؛ لأن الله قدر الذنب عليه، وسوف يأتي هذا في كلام بعد إنما يلومه على المصيبة، كأن تأتي إلى أحد الناس قد أسرع في سيارة وولدك معه، فوقع الحادث ومات ابنك، فلا تقل: لماذا مات ابني؟ لأن الله كتب عليه الموت، لكن تقول: يا فلان جزاك الله خيراً، كيف تسرع وأنت معروف بالخلق الطيب؟ أما تعرف أن السرعة تضر أهلها؟ أما تعرف أن السرعة مصيبة؟ كيف تقع منك هذه المخالفة؟ فهذه وجهة نظر موسى عليه السلام، وليس ذاك النظر البدعي، الذي هو رد للقضاء والقدر، فحاشا موسى أن يرد القضاء والقدر، فهو يعلم بأن الله كتب مقادير كل شيء، وهو نبي كامل.