مهما ترخص مترخص فإن الأغنية التي تحبب الوله والغرام والعشق؛ تهدم صرح الإسلام، يقول المغنون والمغنيات، وأنا لا أثرب على أحد، ولا أذكر أسماءً ولا هيئاتٍ، ولكني أعرض حقائق.
يقولون: هم أهل الحب والفن والجمال! لا.
بل نحن أهل الحب والفن والجمال، حبهم ليس حباً، وفنهم ليس فناً، وجمالهم ليس جمالاً، وهذه مقالة قد عرض لها أبو الحسن الندوي الداعية الكبير وغيره من أساطين دعاة الإسلام، فما هو الحب حتى نعرف الحب؟
الحب يعرفه القرآن: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة:111].
فالذي دفع هؤلاء هو الحب، وقال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] قال ابن القيم: " ليس العجب من قوله (يحبونه) فالإنسان مجبول على حب من أحسن إليه".
إنسان يعطيك عشرة ريال أو يلبسك ثوبًا ربما أحببته, لكن الذي غمرك بالنعم ظاهراً وباطناً أليس هو الله؟ فليس العجيب أن تحب الله؛ لأنه أحسن إليك، لكن العجيب أن يحبك الله عز وجل.
الحب يصوره عبد الله بن عمرو الأنصاري أحد المجاهدين، يوم نزل في المعركة يوم أحد، فالتفت إلى السماء وقد تكفن في أكفانه، وأخذ طيباً وكسر غمد سيفه على ركبته، وقال: [[اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى, اللهم إني أحب لقاءك فلا تردني من لقائك اليوم]].
سبحان الله!
وحضرت المعركة, فعلم الله أنه صادق، وأنه مخلص، وقتل في المعركة.
فقال عليه الصلاة والسلام لابنه جابر: {أتدري ماذا فعل الله بأبيك؟ -اسمع إلى كلمات الصدق والحرارة, وإلى الكلمات البديعات الرائعات- قلت: لا والله يا رسول الله.
قال: والذي نفسي بيده لقد كلمه الله كفاحاً -بغير حجاب وبلا ترجمان- فقال: تمنّ يا عبدي.
ويأتي هذا الرجل ويقول: يا رب, أتمنى أن تعيدني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية.
قال: إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون، فتمنّ، قال: أتمنى أن ترضى عني؛ فإني قد رضيت عنك} أليس هذا حباً؟ إنه والله لمن أعظم الحب.
أتى البراء بن مالك -أحد الصحابة- في معركة تستر , فلبس أكفانه وقال: [[يا رب, أقسم عليك أن تنصرنا وأن تجعلني أول شهيد فإني أحبك]].
فحضر المعركة فقتل وانتصر الإسلام، فهذا هو الحب.
يقول شوقي أمير الشعراء: الحياة هي الحب، والحب هو الحياة.
لكن لمن يريد أن يكون محبوباً وحبيبا، ويكون محبوبه الله تبارك وتعالى, وإلا فسوف ينتهي حبه، أما الحديث الذي وضعه الوضاعون المخرفون: {من أحب فعف فكتم فمات فهو شهيد} قال ابن القيم: لو كان سنده كالشمس لكان باطلاً كذباً موضوعاً.
أرجل يحب كأساً، وامرأة أجنبية محرمة يكون شهيداً؟ أي شهيد؟ أشهادة تيتو ونابليون وهتلر، شهداء الفن والمسارح والدعارة، شهداء الليالي الحمراء، أما شهداء محمد صلى الله عليه وسلم الذين يستشهدون من أجل لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.