يقف عليه الصلاة والسلام في أحد فيقولون: يا رسول الله! يقول: ماذا؟ قالوا: أحد المشركين من قريش اسمه أبي بن خلف أقسم أن يقتلك، قال: أنا أقتله إن شاء الله، لأن هذا أبي بن خلف قال لكفار قريش: يا قريش! اعفوني من القتال يوم أحد وأنا أقتل لكم محمداً أي: سامحوني من القتال حتى أكون قوياً.
فأخذ سيفاً ورمحاً وخنجراً فسمها جميعاً، فما انتهت المعركة وأثخن صلى الله عليه وسلم بالجراح، وأصبح فاتراً من كثرة ما قاتل هو والصحابة أتى هذا ينحدر على فرسه من الجبل والنبي عليه الصلاة والسلام يصلي بالمسلمين صلاة العصر، فلما سلم بعد الجراح بعد ما قتل من أصحابه سبعون منهم حمزة عمه، ومنهم كثير من أحبابه وأقاربه، وكسرت رباعيته، وشج وجهه الشريف، ودخل المغفر في وجهه، وبه من التعب والإعياء ما لا يعلمه إلا الله، فلما سلم من صلاة العصر وإذا بهذا المجرم أقبل قوياً كأنه السيل على فرس، أقبل من الجبل يريد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقام الصحابة يريدون أن يعترضوه، والصحابة من أشجع الناس؛ مهاجرين وأنصاراً، قال صلى الله عليه وسلم: دعوه أنا أقتله إن شاء الله، قال: ناولوني حربة، فناولوه الحربة، ذاك يعلم أن الصحابة سوف يرمونه بالحراب أو بشيء فجعل على جسمه درعين تحت الثياب، وما ترك إلا كالدرهم كل جسمه مغطى، فاقترب من الرسول صلى الله عليه وسلم فهز صلى الله عليه وسلم الحربة وقال: باسم الله، ثم أرسلها فوقعت مركوزة هنا، فوقع عند رجل فرسه، فحمله الكفار يسحبونه قالوا: ماعليك إنما هي قطرة دم، فحلف لهم أن ما به لو كان بأهل سوق المجاز لماتوا جميعاً، ثم ذهب وبعد ليلة مات، وهذا من معجزاته عليه الصلاة والسلام.
وهذه قصة ليست من معجزاته لكن تبين موقف الصحابة وكثرة إيمانهم، ومن أراد أن يتصور الإسلام وعمقه وأصالته فليقرأ سيرة الصحابة، وهي أعظم في الإيمان من الأحكام تربي العقيدة، وتراجم الصحابة توسع مدارك المسلم لمعرفة الدين.