كلام الشيخ عائض:
نحن يا من قد تناهى قد رضينا وسكبنا الود صفواً والتقينا
وتعانقنا وسارت بسمة كضياء المجتبى من طور سينا
من المقاصد الشرعية أن يظهر هذا الأنموذج أمام الناس وأن يتحدث به وأن يعلن الوفاق كما أعلن الخلاف، ولسنا ملأ من الملائكة، ولسنا أكرم من جيل محمد عليه الصلاة والسلام، اختلفوا وتنازعوا وتشاجروا، ثم تعانقوا وقال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:47] بل كما قال عامر الشعبي: [[والله لقد التقوا بالسيوف في الجمل وفي صفين، ثم قال الله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:47]]].
وما حصل بيني وبين الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد مما أثاره بعض الناس حسبنا الله عليهم، وكثير من الناس يتصيد ويريد العثرة ويفرح بالزلة ويريد الفرقة، وفي لقاءٍ صحفي عابر أخذنا فيه على غرة، وما أخذنا للأمر عدته، وما نظرنا إلى أبعاده، وهذا درسٌ لنا أن نتأمل وأن نفكر وأن نتدبر وألا نتسرع وأن نحسب للكلمة موضعها، وهذه هي تجربة الحياة، ولا حليم إلا ذو تجربة ولا حكيم إلا ذو عثرة، فحصل ما حصل بقضاءٍ من الله وقدر، والتقيت مع الحبيب الزميل والقلب عامرٌ بالود والحب ويزداد مع الأيام، وأشهد الله وملائكته وحملة عرشه أني أحبه وأحبكم فيه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فأسأل الله أن ينفعني بهذا الحب، وكما سمعتم قصيدة فضيلته التي دبجها، ومن الحسن أن يرد على الشعر بشعر، فإنه ليس برباً إذا كان مثلاً بمثل يداً بيد، هاء وهاء، وقال الشوكاني: يقبح بطالب العلم أن يرد على الشعر بنثر، فإنها خدشة في وجه طالب العلم، فأحببت أن أرد على القصيدة بقصيدة ولا تقولوا هذا من المدح المفترى، بل هو إن شاء الله من الخير المنتظر لهذا الجيل وهذه القلوب العامرة التي تآخت تحت مظلة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة:5] ولها مقاصد شرعية أحتسب الأجر فيها إن شاء الله، فرددت وأجبت على قصيدته على البحر وعلى الروي وعلى القافية:
أتتك بثوب الوصل والجفن فاتر محجبة تومي إليك المحاجر
دموعٌ وأحلام وليلٌ مسهد يراقب فيها الأنجم الزهر سامر
لعتبٍ جرى بين الأحبة وانجلى ليرضى به شهمٌ ويغضب خاسر
قوافي في آل الحميد عذبةٌ وأبيات شعري في الكرام مفاخر
لبيتٍ عزيز بالجلال مؤثل صحائف تملى بالندى ومآثر
إذا بذلوا قيل الغيوث البواكر وإن غضبوا قيل الليوث الهواصر
وما لكم غير الأسرَّة مجلسٌ ولا لكم غير السيوف مخاصر
أغني كما غنى زهير بشعره وبيت العلى والأريحيات سائر
وهل ينبت الخطِّيَّ إلا وشيجُه وهل تحمل الأمجاد إلا المنابر
قرأت سطوراً من بنانك دبجت فدتك أيا بن الأكرمين الدفاتر
وقال حسودٌ رد صاعاً لأهله بصاعين إن البعض فيك تآمروا
فقلت لهم هذي يميني تناولت شمالي ففي جسمي تمور الخناجر
حبيب الصبا وابن الريادة والنهى رضيع الوفا نعم الصديق المعاشر
وهل يهدم الحساد وداً وصحبةً لها من عرى الإسلام فينا أواصر
لك العتب فاعتب إنما أنت صاحبي فقلبي رعاك الله بالحب عامر
أنا أنت أمتعني بشخصك دائماً فشخصك يا نجل الشريعة طاهر
فزر واستزر سر الوداد زيارة فنعم أخو العليا مزورٌ وزائر
ألا قاتل الله المفرق بيننا وأورده بئس الردى وهو عاثر
أذكره حاميم والحب والوفا فيأبى كأن الرمح بالموت شاجر
لقد مهد الإسلام للصلح موضعاً ولو نهلت منا السيوف البواتر
فهذا علي شام طلحة ثاوياً فقبله والهول أحمر فاغر
ونال أبو ذر بلالاً بأمه فأفرشه الخدين والرأس حاسر
وفي ذا يقول البحتري مدبجاً يهيم على بيت القصيدة شاعرُ
إذا اقتتلت يوماً ففاضت دماؤها تذكرت القربى ففاضت مناظر
فبلغ سلامي والديك كليهما فإن سلامي للمحبين عاطر
وقم منشداً في كل حفلٍ وندوةٍ أتتك بثوب الوصل والجفن فاتر